أولا : من المعروف عند الشيعة الامامية وجوب المسح على الرجلين في الوضوء بدلا من غسلهما عند غيرهم. والخلاف بين فقهاء المسلمين في هذه المسألة قائم منذ فجر التشريع في عهد الصحابة. فكان يرى ذلك علي وابن عباس وغيرهما من الشيعة. وروي عن ابن عباس في ذلك انه وصف وضوء رسول الله بأنه مسح على رجليه ، وانه قال : إن كتاب الله جل ثناؤه اتي بالمسح ، ويأبى الناس إلا الغسل.
وقد أشار ابن عباس رحمهالله في قوله : ان كتاب الله جل ثناؤه جاء بالمسح ويأبى الناس إلا الغسل ، الى الآية السابعة من سورة المائدة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ.)
بلا فرق عنده بين قراءة المعطوف الأخير بالنصب او الجر. فالنصب على محل الرؤوس والجر على لفظها. والذي يؤيد العطف على الرؤوس ، ان الجملة الأولى ، التي أمرت بالغسل ، قد انتهت وبطل حكمها ، باستئناف الجملة الثانية التي اشتملت على حكم مخالف للأولى. وليس من المستحسن العطف على الأولى ، بعد انقطاع حكمها بالجملة الثانية المستأنفة ، لا سيما إذا كان الكلام مستقيما بعد انقطاع حكمها بالجملة الثانية المستأنفة ، لا سيما إذا كان الكلام مستقيما ومعناه ظاهرا. فإذا قال القائل مثلا : ضربت زيدا وعمرا ، وأكرمت خالدا وبكرا ، لا يجوز ارجاع بكر الى الجملة الأولى. على ان عمل القريب في المعطوف اولى من عمل البعيد فيه ، إذا لم يكن مرجح لعمل البعيد فيه (١). وقد سبق ان أشرنا الى ما يعتمده الفريقان فيما ذهبا اليه في
__________________
(١) مجمع البيان المجلد الأول (ص ١٦٦) طبع صيدا.