لأن الامام مع المجمعين ، قل المجمعون او كثروا. وفائدته عندهم انه يكون كاشفا عن رأي الامام ، فيما إذا اتفق جميع العلماء على حكم ولم يتعين لهم قول المعصوم (ع) ، فيكون هذا الاتفاق كاشفا عن وجود رأيه بين آرائهم هذا الاجماع الذي تكرر استعماله والاستدلال به في كتب الفقه ، لا يعملون به ، إلا حيث يكون كاشفا عن السنة ، فيكون تعبيرا آخر عنها بلفظ الاجماع.
ومهما كان الحال ، فالشيعة منذ عهدهم الأول ، الذي اتصل بتاريخ الاسلام ، ومشى معه جنبا الى جنب ، لا يرجعون لغير الكتاب والسنة في أحكام دينهم. ولا يرون الاجماع دليلا ، إلا إذا كان كاشفا عن رأي المعصوم ، لأنه موجود في كل زمان. على ان هناك شيء من الخلاف بينهم في طريقة استكشاف رأيه من الاجماع ، على تقدير وجوده.
أما القياس ، الذي يدعي أهل السنة انه من أصول الأحكام في عصر الصحابة ، والذي قال عنه الدواليبي في كتابه : (المدخل الى علم أصول الفقه) ، الحاق أمر بآخر في الحكم الشرعي ، لاتحاد بينهما في العلة ، سواء كانت مصرحا بها في الدليل الشرعي او لم تكن. وقال عنه آخرون : «هو الحكم فيما لا نص فيه بمثل الحكم فيما فيه نص او اجماع ، لاتفاقهما في علة الحكم ، او لاتفاقهما في وجه الشبه» (١).
وأيا كان معناه ، فالشيعة يرونه بدعة في الدين ، ولا يعملون به في الأحكام وغيرها ، وأصبح ذلك معروفا من مذهبهم. وروي عن علي (ع) انه قال : «لو كان الذي يؤخذ قياسا لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره». وليس فيما نقل عن فقهائهم في عهد الصحابة من
__________________
(١) ملخص إبطال القياس ، لابن حزم الاندلسي (ص ٥).