الوحيدين اللذين عليهما ترتكز رسالة الإسلام وجميع تعاليمه المقدسة ، فكان مما لا بد منه ان تتكرر تلك الآيات حول هذين الأصلين بعد ان طغت على البشر موجة الشرك والإلحاد ، لا سيما والبلاد العربية التي خرجت منها رسالة الإسلام الخالدة ، كان الغالب على أهلها عبادة الأوثان والأصنام من دون الله منذ عشرات السنين ، فكان من الصعب عليهم ان يتقبلوها طائعين ، وهي أول ما تهدف اليه اقتلاع ما تركز في نفوسهم من عهد الآباء والأجداد الغابرين ، وإيجاد نظام جديد لم يعرفوا عنه القليل أو الكثير.
لذلك كان تأكيد مبدأ التوحيد في القرآن الكريم والاهتمام به امرا لا مفر منه ، بتلك الأساليب المختلفة حسب اختلاف العقول والأفهام والنزعات ، ولقد اقتنع بها الكثير من الجاحدين فدخلوا الإسلام مؤمنين بأصوله وفروعه نتيجة لتلك الآيات البينات.
وأكثر آيات التوحيد وغيره من أصول الإسلام ، نزلت على الرسول وهو في مكة قبل هجرته إلى المدينة ، وفي المدينة بعد هجرته إليها نزلت أكثر آيات التشريع بعد ان وجد الايمان بالله والرسول طريقه واضحا الى قلوب الألوف من البشر ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، بفضل جهاد الرسول وتضحياته في سبيل تلك الدعوة.
ولا بد لنا قبل الحديث عن آيات التشريع ، من بيان أمرين يرجع أحدهما إلى بيان نوع المكلف به حسب الاصطلاح الفقهي ، والثاني إلى الأسلوب الذي اتبعه القرآن في مقام التشريع. أما فيما يتعلق بالأمر الأول ، فالأحكام التي شرعها الإسلام عن طريق القرآن أو السنة الكريمة ، منها ما يرجع الى صلة الإنسان بربه وهي العبادات التي لا تصح من المكلف إلا بعد القصد إليها والإتيان بها امتثالا للأمر المتعلق