كما في المثال المتقدم ، أو كان تأكيدا كما في قول القائل :
يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلهم |
|
ان ليس وصل إذا انحلت عرى الذنب |
يجر كلهم لمجاورتها للزوجات ، والقياس فيها النصب لأنها تأكيد للمفعول المنصوب ـ وأما في عطف الغسل فوجود العاطف يمنع المجاورة (١). وقد عرف القول بوجوب المسح عن الشيعة الإمامية تبعا لأئمتهم (ع) وجماعة من أعيان الصحابة ، كما عرف القول بالغسل عن غيرهم استنادا الى قراءة النصب بعطفها على وجوهكم في الآية بالإضافة الى بعض الأحاديث الحاكية لوضوء النبي (ص) الذي اشتمل على غسلهما بعد مسح الرأس وقد اتخذ بعضهم من الاستحسان مؤيدا لوجوب الغسل ، لأنه أشد مناسبة للقدمين كما وأن المسح انسب للرأس من الغسل لأن القدمين يعرض عليهما من الأوساخ ما لا يعرض على الرأس ، والمصالح المعقولة يمكن أن تكون عللا للعبادات وملحوظة عند المشرع كغيرها ، وهذا النوع من الاستحسان لا يعدو أن يكون من نوع الحدس الذي لا يجوز أن يتخذ دليلا في أحكام الله.
وأما الغسل من الجنابة فقد نصت عليه الآية من سورة المائدة ، وقد جاء فيها : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) ، وأما كيفية الطهارة من الجنابة فلم تتعرض لبيانها الآية كما هو الحال في أكثر مواد الفقه الإسلامي التي شرعها القرآن ، وقد بين أن للطهارة التي لا تصح الصلاة بدونها فردين طوليين لا يكون الفرد الثاني مصداقا للطهارة ، إلا إذا تعذر عليه الأول ، أو كان الإتيان به يؤدي الى الإضرار بالنفس أو المال بحسب حالته المادية ، وقد نصت الآية ، من سورة المائدة على بعض الأسباب
__________________
(١) مسائل فقهية للعلامة شرف الدين ص ٧٣.