أحدهما بمعنى أنا نشك فيه لعدم دليل القطع على حقيقته بما يكون منه.
والثاني بمعنى أن الله تعالى يقدر على ذلك كله ولا يستحيل منه فهو عندنا لو لم يقتل جاز أن يبقى حيا وجاز أن يموت في الحال من غير قتل ومهما كان من ذلك فهو معلوم قبل كونه لله تعالى.
ولو كان الظالم إنما يقتل المظلوم لأن أجله قد حضر ولأن حضور أجله حمله على قتله لم يكن ملوما ولا ظالما بل كان محمولا على ذلك مضطرا.
وقد ضرب في معنى هذا مثل فقيل :
لو كان كل مقتول لو لم يقتل لمات في ذلك الوقت لا محالة ولم يعش لحظة واحدة لكان من قصد إلى أغنام رجل فذبحها عن آخرها لا يجوز أن يلومه صاحبها ولا يغرمه بثمنها بل كان يجب أن يشكره على ذبحها لأنه لو لم يذبحها لماتت كلها فكان لا ينتفع بشيء منها.
وفي صحة توجه اللوم إليه دلالة على أنه لو لم يذبحها لجاز أن تبقى كلها حية أو يبقى بعضها والله عالم بحقيقة أمرها.
فإن قال أفتقولون إن المقتول مات بأجله أم تقولون إن قاتله قطع أجله؟؟
قلنا قد ذكرناه أن حقيقة الأجل هو الوقت وأجل الشيء وقته وإذا كان هذا هو الأصل فالوقت الذي قتل به فيه هو أجل موته كما هو وقت موته وقد ذكرنا قول الله تعالى في قوم نوح أنهم لو آمنوا لأبقاهم إلى أجل مسمى فلما لم يؤمنوا أهلكوا قبل ذلك الأجل وليس هذا بمانع من أن نقول بأنهم قد هلكوا بآجالهم نريد وقت حضور إهلاكهم.
فإن قال فما معنى قوله سبحانه :
(إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ) (١)
وقوله :
__________________
(١) نوح : من الآية ٤ (إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).