وشيء آخر وهو أن التعريض لنيل الثواب الدائم والأمر بمعرفة المنعم وشكره وترك الجور والظلم والسفه حسن من العقل كما أن التعريض للعطب والأمر بالجور والسفه قبيح فاسد في العقل.
فلو كانت معصية المأمور ومصيره لسوء اختياره إلى استحقاق العذاب وعلم العالم بما يصير إليه من العطب والهلاك بقلب التعريض للخير والأمر بالحسن فيجعله قبيحا فاسدا لكان طاعة المأمور ومصيره بحسن اختياره إلى استحقاق المدح من العقلاء وعلم الأمر بما يصير إليه المأمور من السلامة واستحقاق المدح يقلب التعريض للعطب والأمر به فيجعله حسنا وهذا لا يقوله أحد.
ولو كان الأمر بالخير والتمكين منه والدعاء إليه والتيسير له والإعذار والإنذار لا يكون تعريضا للخير إلا إذا علم أن المأمور يقبل فيسلم لكان الأمر بالفساد والشر والدعاء إليه والحث عليه لا يكون تعريضا للمكروه والعطب والضرر إلا إذا علم أن المأمور يقبل فيعطب.
فلما كان هذا عند جمهور أهل العلم والعقل إساءة وإضرارا وتعريضا للمكروه سواء علم أن المأمور يقبل فيعطب أو يخالف فيسلم كان الأول تعريضا للخير وإحسانا إلى العبد سواء علم من حاله أنه يقبل فيسلم أو يخالف فيعطب.
وهذا باب يجب أن يتأيد فيه المتأمل ويكرر فيه الاطلاع فإنه يعلم الحق فيه إن لم يكن معه هوى يضل عنه والحمد لله.
فصل
في ذكر سؤال ورد إلي من الساحل وجوابي عنه في صحة العبادة بالحج.
(بسم الله الرحمن الرحيم)
الحمد لله الهادي إلى الرشاد العالم بمصالح العباد ذي الحكمة البالغة والنعمة السابغة وصلواته على من أزاح به العلل وأوضح منار السبل سيد