قال ابن هبنتي وإن كان الكسوف في الكأس دل على فساد الأشربة.
وهذا أعجب من الأول وذلك أن الكأس عندهم من سبعة كواكب شبهوها بالكأس وبالباطية أيضا.
فإن كان الحكم الذي ذكروه إنما اختص بذلك من أجل التشبيه والتسمية فإن هذه الكواكب بأعيانها قد شبهتها بالمعلف وسميتها بهذا الاسم فكيف صار تشبيه المنجمين وتسميتهم لها بالكأس أولى من أن يكون تشبيه العرب لها بالمعلف وتسميتهم لها بهذا الاسم موجبا لانصراف الحكم فيها إلى الدواب اللهم إلا أن يقولوا إن المعول على تشبيهها للمنجمين دونهم فلا اعتراض.
قال ابن هبنتي وقد شاهدنا بعض الحذاق من أهل هذه الصناعة قد نظر في مولد إنسان من الأصاغر فوجد النسر الطائر في درجة وسط السماء فقال يكون بإزاء دار الملك وزعم أن الأمر كما ذكر.
وهذا يؤكد ما ذكرناه من تعويلهم على الأسماء والصور المدونة من اصطلاح البشر.
فصل وقد اطلعت أنا في مولد فوجدت فيه الكواكب التي يقولون إنها النسر الطائر في وسط السماء فلم يدل من حال صاحبه على نظيرها.
قال ابن هبنتي وكان هذا الرجل فقيرا فأثرى ولم أره قط إلا ماقتا لأنواع الطير غير مقيد بشيء منها في حالتي الفقر والغنى.
فإن صدق ابن هبنتي فيما ذكر فما هو إلا عن شيء لا أصل له يصح بعضه فيوافق الظنون ويبطل بعضه فلا يكون فإن كان اختلافه في حال لا يدل على بطلان حكمهم فاتفاقه في حال أخرى لا يدل على صحة حكمهم وجزمهم.
ومن هذيانهم أيضا الموجود في عيون كتبهم والمأثور من أحكامهم قولهم إن الحمل والثور يدلان على الوحوش وكل ذي ظلف والجدي مشترك بينهما والأسد والنصف الأول من القوس يدلان على كل ذي ناب ومخلب.
وإنما ذكروا نصف القوس لأن صورته التي ألفوها وشبهوها صورة دابة وإنسان فجعلوا النصف الأول للوحوش والنصف الآخر للناس.