فحث سبحانه وتعالى على طلب العلم ورغب فيه وأوجب على من به نهضة أن يلتمسه ويسارع إليه وهذا لازم في وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده ولا يصح أن يتخصص به زمان دون غيره لأن التكليف قائم لازم والشرع شامل دائم.
وقد علمنا ومن خالفنا أن النافرين للتفقه في الدين أيام النبي صلى الله عليه وسلم كانوا إذا وردوا عليه أرشدهم إلى الحق بعينه وهداهم إلى قول واحد من شرعه ودينه فرجعوا إلى قومهم متفقين وعلى شيء واحد مجتمعين لا يختلفون في تأويل آية ولا في حكم فريضة حلالهم واحد وحرامهم واحد ودينهم واحد فثبتت بهم الحجة وتتضح للمسترشدين المحجة وينال الطالب بغيته ويدرك المستفيد فائدته.
والناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مكلفون من شرعه بما كلفه من كان في وقته فوجب في عدل الله وحكمته وفضله ورحمته أن يزيح علل بريته ويقيم لهم في كل زمان عالما أمينا حافظا مأمونا لا تختلف أقواله ولا تتضاد أفعاله وتثق النفوس بكماله ومعرفته وتسكن إلى طهارته وعصمته ليكون النفير إليه والتعويل في الهداية عليه ولو لا ذلك لكان الله تعالى قد أمر بالنفير إلى المختلفين وسؤل المتباينين المتضادين والتعويل على المرجحين الظانين الذين يحار بينهم المستجير ويضل المسترشد ويشك الضعيف وهذا عنت في التكليف تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
سؤال في الغيبة يتعلق بما ذكرناه
إن قال قائل إذا كانت علل المكلفين في الشريعة لا تنزاح إلا بحافظ للأحكام ينصب لهم مميز بالعصمة والكمال منهم يقصده المسترشدون ويعول على قوله السائلون وكان الإمام عليهم السلام اليوم على قولكم غائبا لا يوصل إليه ومستترا عن الأمة لا يقدر عليه فعلل المكلفين إذن غير مزاحة في الشرع ،
__________________
(١) الأولى النفر لا النفير.