إذا كنتم قد وجدتم السبيل إلى علم ما تحتاجونه من الفتاوي في الأحكام المحفوظة عن الأئمة المتقدمين عليهم السلام فقد استغنيتم بذلك عن إمام الزمان.
وهذا قول غير صحيح لأن هذه الآثار والنصوص في الأحكام موجودة مع من لا يستحيل منه الغلط والنسيان ومسموعة بنقل من يجوز عليه الترك والكتمان.
وإذا جاز ذلك عليهم لم يؤمن وقوعه منهم إلا بوجود معصوم يكون من ورائهم شاهد لأحوالهم عالم بأخبارهم إن غلطوا هداهم أو نسوا ذكرهم أو كتموا علم الحق منه دونهم.
وإمام الزمان عليهم السلام وإن كان مستترا عنهم بحيث لا يعرفون شخصه فهو موجود بينهم يشاهد أحوالهم ويعلم أخبارهم فلو انصرفوا عن النقل أو ضلوا عن الحق لما وسعته التقية ولأظهره الله سبحانه ومنع منه إلى أن يبين الحق وتثبت الحجة على الخلق.
ولو لزمنا القول بالاستغناء عن الإمام فيما وجدنا الطريق إلى علمه من غير جهته للزم مخالفينا القول بالاستغناء عن النبي صلى الله عليه وسلم في جميع ما أداه مما علم بالعقول قبل أدائه وفي إطلاق القول بذلك خروج عن الإسلام وأحكامه وقد ورد في جواب هذا السؤال ما فيه بلاغ للمسترشدين وهداية والحمد لله.
تأويل آية :
إن سأل سائل فقال ما عندكم في تأويل قول الله سبحانه :
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ). (١)
وظاهر هذه الآية يقتضي أنه لم يشأ أن يكون الناس أمة واحدة متفقين على الهدى والمعرفة.
__________________
(١) هود : ١١٨ وتجد الكلام على هذه الآية في الأمالي للمرتضى ج ١ صلى الله عليه وسلم ٧٠ ـ ٧٥.