فأخافوه وانطوت نياتهم على قتله متى وجدوه فأمره الله بالاستتار لما علمه من مباينة حاله لحال كل نبي وإمام أبدى شخصه فقتلهم الناس إذا كانت مصلحة الأمة بعد آبائه صلى الله عليه وسلم مقصورة على كونه إماما لهم وأن غيره لا يقوم مقامه في مصلحتهم وسقط عنهم فرض التصدي للسائلين لعدم الأمن والتمكن فكانت الحجة لله تعالى على الظالمين الذين وجدوا سبيل الهداية وأرشدوا إليها فمنعوا أنفسهم سلوكها وآثروا الضلالة عليها فكانوا كمن شد عينه عن النظر إلى مصالحه وسد سمعه عن استماع مناصحته ثم قال لو شاء الله لهداني قال الله سبحانه فيمن ماثلت أحواله لحاله :
(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) فصلت : ١٧.
تعالى الله ذو الكلمة العليا والحجة المثلى.
ولسنا مع ذلك نقطع على أن الإمام عليهم السلام لا يعرفه أحد ولا يصل إليه بل قد يجوز أن يجتمع به طائفة من أوليائه تستر اجتماعها به وتخفيه.
فأما الذي يجب أن يفعله اليوم المسترشدون ويعول عليه المستفيدون فهو الرجوع إلى الفقهاء من شيعة الأئمة وسؤالهم في الحادثات عن الأحكام والأخذ بفتاويهم في الحلال والحرام فهم الوسائط بين الرعية وصاحب الزمان عليهم السلام والمستودعون أحكام شريعة الإسلام ولم يكن الله تعالى يبيح لحجته صلى الله عليه وسلم الاستتار إلا وقد أوجد للأمة من فقه آبائه عليهم السلام ما تنقطع به الأعذار وليس الرجوع إليهم كالرجوع إلى القائسين ولا التعويل عليهم بمماثل للتعويل على المستحسنين المفتين في الشريعة وبالظن والترجيح وإنما هو رجوع إلى ما استودعوه من النصوص المفيدة للعلم واليقين وتعويل على ما استحفظوه من الآثار المنقولة من فتاوى الصادقين التي فيها علم ما يلتمسه الطالبون وفيه ما يقتبسه السائلون ومن أخذ من هذا المعدن فقد أخذ من الإمام صلى الله عليه وسلم لأنها علومه وأقوال آبائه ص.
وكثيرا ما يقول لنا المخالفون عند سماعهم منا هذا الكلام :