الأولين والآخرين محمد خاتم النبيين وعلى آله الأئمة الطاهرين.
سألت أيدك الله عن الحج ومناسكه وصحة الأمر به وأسباب ذلك وعلله ورغبت في اختصار جواب يكشف لك حقيقة الصواب تعول عليه في الاعتقاد وتحسم به مواد الفساد وتعده للخصوم عند السؤال وتدفع به تعجب أهل الكفر والضلال.
وقد أوردت من ذلك ما اقتضاه الإمكان لضيق الزمان وترادف الأشغال وهو مقنع لمن تدبره وفهم فحواه إن شاء الله.
اعلم أن اختلاف العبادات مبني على المعلوم عند الله تعالى من مصالح العباد وليس للمكلفين طريق للعلم بتفاصيل هذه المصالح ولا فرض الله سبحانه عليهم ذلك ولو فرضه لنصب لهم دليلا على العلم فالذي يجب اعتقاده هو أن المكلف الآمر عدل حكيم لا يقع منه الخلل ولا يكلف العبث ولا يرسل إلى خلقه من يجوز منه الكذب والأمر باللعب.
فإذا ثبت هذا الأصل لزم امتثال أوامر الحكيم الواردة على يد الصادق الأمين والاعتقاد أن إيراده منها إنما هو طاعته في العمل بها وأنه لم يأمر بها دون غيرها إلا لعلمه بمصالح خلقه فيها وتعريضه لهم بتكليفها إلى منزلة الاستحقاق ونفاستها ليثبت من أطاعه فيها بالنعيم الدائم عليها.
وليس جهل العبد بمعرفة هذه المصالح على تفاصيلها مفسدا لما عمله من حكمة الأمر بها وصدق المؤدي عنه لها.
كما أنه ليس عدم علمنا بعلل تباين الناس في أفعالهم وأسباب اختلاف ما مع الصناع من آلاتهم موجبا علينا القطع على لعبهم وعبثهم واعتقاد جهلهم ونقصهم.
فهذا أصل الكلام فيما خار الله تعالى وأمر وعليه المدار في الحجاج والنظر ومن أتقنه استعان به في مسائل أخر.
وقد سأل أحد الملاحدة مولانا جعفر بن محمد الصادق صلى الله عليه وسلم عن الطواف بالبيت الحرام فأجابه بما نقله عنه الخاص والعام.