قال إمرؤ القيس :
برهرهة رودة رخصة |
|
كخربوعة البانة المنفطر |
فقال المنفطر ولم يقل المنفطرة لأنه عنى الغصن فذكره.
وقال آخر :
قامت تبكيه على قبره |
|
من لي من بعدك يا عامر |
تركتني في الدار ذا غربة |
|
قد ضاع من ليس له ناصر |
فقال ذا غربة ولم يقل ذات غربة لأنه عنى شخصا ذا غربة.
والمراد بالاختلاف المذكور في الآية أنما هو الاختلاف في الدين والذهاب عن الحق فيه بالهوى والشبهة.
وقد ذكر بعضهم في قوله (مُخْتَلِفِينَ) وجها غريبا وهو أن يكون معناه إن خلف هؤلاء الكافرين يخلف سالفهم في الكفر لأنه سواء قولك خلف بعضهم بعضا وقولك اختلفوا كما أنه سواء قولك قتل بعضهم بعضا وقولك اقتتلوا ومنه قولهم لا أفعل كذا وكذا ما اختلف العصران والجديدان أي جاء كل منهما بعد الآخر.
وأما الرحمة فليست رقة القلب والشفقة لكنها فعل النعم والإحسان يدل على ذلك أن من أحسن إلى غيره وأنعم عليه يوصف بأنه رحيم به وإن لم تعلم منه رقة قلبه عليه وشفقته بل وصفهم بالرحمة من لا يعهدون منه رقة القلب أقوى من وصفهم الرقيق القلب بذلك لأن مشقة النعمة والإحسان على من لا رقة عنده أكثر منها على الرقيق القلب ..
وقد علمنا أن من رق عليه أو امتنع من الإفضال والإحسان لم يوصف بالرحمة وإذا أنعم وصف بها فوجب أن يكون معناها ما ذكرناه وقد يجوز أن يكون معنى الرحمة في الأصل الرقة والشفقة ثم انتقل بالتعارف إلى ما بلغ
هذا آخر ما وجدنا من كتاب كنز الفوائد.