الله ورسوله. فيعرف بذلك لغة القرآن والحديث وسنة الله ورسوله التي يخاطب بها عباده. وهي العادة المعروفة من كلامه. ثم إذا كان لذلك نظائر في كلام غيره ، وكانت النظائر كثيرة ، عرف أن تلك العادة واللغة مشتركة عامة. لا يختص بها هو صلىاللهعليهوسلم. بل هي لغة قومه. ولا يجوز أن يحمل كلامه على عادات حدثت بعده في الخطاب ، لم تكن معروفة في خطابه وخطاب أصحابه. كما يفعله كثير من الناس. وقد لا يعرفون انتفاء ذلك في زمانه. ولهذا كان استعمال القياس في اللغة ، وإن جاز في الاستعمال ، فإنه لا يجوز في الاستدلال. فإنه قد يجوز للإنسان أن يستعمل هو اللفظ في نظير المعنى الذي استعملوه فيه ، مع بيان ذلك ، على ما فيه من النزاع. لكن لا يجوز أن يعمد إلى ألفاظ قد عرف استعمالها في معاني فيحملها إلى غير تلك المعاني ، ويقول : إنهم أرادوا تلك بالقياس على تلك. بل هذا تبديل وتحريف. فإذا قال : «الجار أحق بسقبه» (١) فالجار هو الجار. ليس هو الشريك. فإن هذا لا يعرف في لغتهم ، لكن ليس في اللفظ ما يقتضي أنه يستحق الشفعة. لكن يدل على أن البيع له أولى. وأما الخمر فقد ثبت بالنصوص الكثيرة والنقول الصحيحة أنها كانت اسما لكل مسكر. لم يسم النبيذ خمرا بالقياس. وكذلك النباش كانوا يسمونه سارقا. كما قالت عائشة : سارق موتانا كسارق أحيانا. واللائط عندهم كانوا أغلظ من الزاني بالمرأة. ولا بد ، في تفسير القرآن والحديث ، من أن يعرف ما يدل على مراد الله ورسوله من الألفاظ. وكيف يفهم كلامه. فمعرفة العربية التي خوطبنا بها مما يعين على أن نفقه مراد الله ورسوله بكلامه. وكذلك معرفة دلالة الألفاظ على المعاني. فإن عامة ضلال أهل البدع كان بهذا السبب. فإنهم صاروا يحملون كلام الله ورسوله على ما يدعون أنه دالّ عليه. ولا يكون الأمر كذلك. ويجعلون هذه الدلالة حقيقة وهذه مجازا. كما أخطأ المرجئة في اسم الإيمان. جعلوا لفظ الإيمان حقيقة في مجرد التصديق. وتناوله للأعمال مجازا. فيقال : إن لم يصح التقسيم إلى حقيقة ومجاز ، فلا حاجة إلى هذا. وإن صح فهذا لا ينفعكم. بل هو عليكم لا لكم. لأن الحقيقة هي اللفظ الذي يدل بإطلاقه بلا قرينة. والمجاز إنما يدل بقرينة. وقد تبين أن لفظ الإيمان ، حيث أطلق في الكتاب والسنة. دخلت فيه الأعمال. وإنما يدعى خروجها منه عند التقييد. وهذا يدل على أن
__________________
(١) أخرجه البخاري في الحيلة ، باب احتيال العامل ليهدى له.