رضي الله عنها : «أيها قرأت أصبت» (١) وصح من رواية أبيّ بن كعب ، أن النبيّ عليهالسلام استزاد جبريل لما قرأه على حرف حتى بلغ سبعة أحرف ، وفي رواية لأبيّ قال : قال النبيّ لجبريل عليهماالسلام : «إني بعثت إلى أمة أميين. منهم الغلام والخادم والشيخ الفاني والعجوز» (٢) فقال جبريل : فليقرءوا القرآن على سبعة أحرف. زاد في رواية : فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا.
أخرج ابن جرير عن الأعمش قال : قرأ أنس هذه الآية : (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) فقال له بعض القوم : يا أبا حمزة! إنما هي أقوم. فقال : أقوم وأصوب وأهنأ واحد.
وعن شقيق قال : قال عبد الله بن مسعود : إني قد سمعت القراء فوجدتهم متقاربين فاقرؤوا كما علمتم. وإياكم والتنطع. فإنما هو كقول أحدكم : هلمّ وتعال.
وقال ابن سيرين : لا تختلف السبع في حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي : هو كقولك : تعال وهلمّ وأقبل. كذا في ابن جرير.
قال الإمام ابن قتيبة في كتاب المشكل : كان من تيسير الله تعالى أن أمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقرئ كل أمة بلغتهم وما جرى عليه عادتهم ، فالهذلي يقرأ : (عتى حين) يريد حتى كذا يلفظ بها ويستعملها ، والنميميّ يهمز. والقرشيّ لا يهمز. والآخر يقرأ : (قيل وغيض) بإشمام الضم مع الكسر ، (بِضاعَتُنا رُدَّتْ) بإشمام الكسر مع الضم.
ولو أراد كل فريق من هؤلاء أن يزول عن لغته وما جرى عليه اعتياده طفلا وناشئا وكهلا ـ لاشتد ذلك عليه وعظمت المحنة فيه ، ولم يمكنه إلا بعد رياضة للنفس طويلة ، وتذليل للسان وقطع للعادة. فأراد الله ، برحمته ولطفه ، أن يجعل لهم متّسعا في اللغات ومتصرّفا في الحركات ، كتيسيره عليهم في الدين.
قال أبو شامة : معنى قول كثير من الصحابة والتابعين : القراءة سنة يأخذها
__________________
(١) أخرج الإمام أحمد في مسنده ، ٦ / ٤٣٣ و ٤٦٢ ، عن أم أيوب قالت : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «نزل القرآن على سبعة أحرف أيها قرأت أجزأك».
(٢) أخرج الترمذي في القراءات ، باب ما جاء أنزل القرآن على سبعة أحرف : عن أبيّ بن كعب قال : لقي رسول الله صلىاللهعليهوسلم جبريل. فقال : «يا جبريل. إنّي بعثت إلى أمة أميين. منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط» فقال : يا محمد. إن القرآن أنزل على سبعة أحرف.