والأكثرون على أن الفاتحة مكية ، وأنها سبع آيات.
وأصل معنى «السورة» لغة : المنزلة من منازل الارتفاع. ومن ذلك سور المدينة للحائط الذي يحويها ، وذلك لارتفاعه على ما يحويه. ومنه قول نابغة بني ذبيان :
ألم تر أنّ الله أعطاك سورة |
|
ترى كلّ ملك دونها يتذبذب |
أي منزلة من منازل الشرف التي قصرت عنها منازل الملوك.
وأما «الآية» فإمّا بمعنى : العلامة ـ لأنها علامة يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها ، كالآية التي تكون دلالة على الشيء يستدلّ به عليه ـ وإمّا بمعنى : القصّة ـ كما قال كعب بن زهير :
ألا أبلغا هذا المعرّض آية : |
|
أيقظان قال القول ، إذ قال ، أم حلم |
أي رسالة مني ، وخبرا عني ـ فيكون معنى الآيات «القصص» قصة تتلو قصة.
القول في تأويل قوله تعالى :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١)
قال الإمام ابن جرير : إن الله ، تعالى ذكره ، وتقدست أسماؤه ، أدّب نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم : بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ، وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته ، وجعل ـ ما أدّبه به من ذلك ، وعلّمه إياه ـ منه لجميع خلقه : سنّة يستنّون بها ، وسبيلا يتبعونه عليها ، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم ، حتى أغنت دلالة ما ظهر ، من قول القائل : بسم الله ، على ما بطن من مراده الذي هو محذوف. وذلك أن الباء مقتضية فعلا يكون لها جالبا ، فإذا كان محذوفا يقدّر بما جعلت التسمية مبدأ له. والاسم هنا بمعنى التسمية ـ كالكلام بمعنى التكليم ، والعطاء بمعنى الإعطاء ـ والمعنى : أقرأ بتسمية الله وذكره ، وأفتتح القراءة بتسمية الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى. و «اللهِ» علم على ذاته ، تعالى وتقدس. قال ابن عباس : هو الذي يألهه كلّ شيء ويعبده وأصله «إلاه» بمعني مألوه أي معبود ، فلما أدخلت عليه الألف واللام حذفت الهمزة تخفيفا لكثرته في الكلام ، وبعد الإدغام فخّمت تعظيما ـ هذا تحقيق اللغويين.