لأنه إذا هدي الصراط المستقيم كان من المتقين (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق : ٢ ـ ٣] وكان من المتوكلين (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) [الطلاق : ٣] ، وكان ممن ينصره الله ورسوله ومن ينصر الله ينصره وكان من جند الله ، وجند الله هم الغالبون. فالهدى التام يتضمن حصول أعظم ما يحصل به الرزق والنصر. فتبين أن هذا الدعاء هو الجامع لكل مطلوب تحصل به كل منفعة ، وتندفع به كل مضرة.
(فائدة) الصراط المستقيم أصله الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف ، ويستعار لكل قول أو عمل يبلغ به صاحبه الغاية الحميدة. فالطريق الواضح للحسّ ، كالحق للعقل ، في أنه : إذا سير بهما أبلغا السالك النهاية الحسنى.
القول في تأويل قوله تعالى :
(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)(٧)
أي : بطاعتك وعبادتك ، وهم المذكورون في قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) [النساء : ٦٩].
(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) قال الأصفهانيّ : وإنما ذكر تعالى هذه الجملة لأن الكفار قد شاركوا المؤمنين في إنعام كثير عليهم ، فبين بالوصف أن المراد بالدعاء ليس هو النعم العامة ، بل ذلك نعمة خاصة. ثم إن المراد بالمغضوب عليهم والضالين : كلّ من حاد عن جادة الإسلام من أيّ فرقة ونحلة. وتعيين بعض المفسرين فرقة منهم من باب تمثيل العام بأوضح أفراده وأشهرها ، وهذا هو المراد بقول ابن أبي حاتم : لا أعلم بين المفسرين اختلافا في أن المغضوب عليهم اليهود ، والضالين النصارى.
(فوائد) الأولى : يستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها : «آمين» ومعناه : اللهم استجب ، أو كذلك فليكن ، أو كذلك فافعل. وليس من القرآن. بدليل أنه لم يثبت في المصاحف. والدليل على استحباب التأمين ما رواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذيّ (١) عن وائل بن حجر قال : «سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم قرأ غير المغضوب عليهم
__________________
(١) أخرجه الترمذيّ في : الصلاة ، باب ما جاء في التأمين. وأبو داود في : الصلاة ، باب التأمين وراء الإمام ، حديث ٩٣٢. والإمام أحمد في مسنده.