لحكمه ، وهو بغير حرف. هذا ما قال. ومعنى ذلك : أنه تخصيص للعموم قبله ، ولكنه أطلق عليه لفظ النسخ ، إذ لم يعتبر فيه الاصطلاح الخاص.
وقال في قوله تعالى : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) [النور : ٢٧] أنه منسوخ بقوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ ..) [النور : ٢٩] الآية. وليس من الناسخ والمنسوخ في شيء. غير أن قوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) يثبت في الآية الأخرى أنما يراد بها المسكونة.
وقال في قوله تعالى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) [التوبة : ٤١] ، أنه منسوخ بقوله : (ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) [التوبة : ١٢٢] ، والآيتان في معنيين. ولكنه نبه على أن الحكم بعد غزوة تبوك أن لا يجب النفير على الجميع.
وقال في قوله تعالى : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) [الأنفال : ١] منسوخ بقوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ..) [الأنفال : ٤١] الآية ، وإنما ذلك بيان لمبهم في قوله : (لِلَّهِ وَالرَّسُولِ).
وقال في قوله تعالى : (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) أنه منسوخ بقوله : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها ..) الآية. وآية الأنعام خبر من الأخبار ، والأخبار لا تنسخ ولا تنسخ.
وقال في قوله : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ ..) [النساء : ٨] الآية : أنه منسوخ بآية المواريث. وقال مثله الضحاك والسدي وعكرمة. وقال الحسن : منسوخ بالزكاة. وقال ابن المسيّب : نسخه الميراث والوصية.
والجمع بين الآيتين ممكن ، لاحتمال حمل الآية على الندب ، والمراد بأولي القربى من لا يرث. بدليل قوله : (وَإِذا حَضَرَ) كما ترى الرزق بالحضور ، فإن المراد غير الوارثين. وبيّن الحسن أن المراد الندب أيضا بدليل آية الوصية والميراث فهو من بيان المجمل والمبهم.
وقال هو وابن مسعود في قوله : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٨٤] أنه منسوخ بقوله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) [البقرة : ٢٨٦] بدليل أن ابن عباس فسر الآية بكتمان الشهادة ، إذ تقدم قوله (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ) ثم قال : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ