إقامتهم على ما نهوا عنه ، وقد علموا أنهم مأمورون منهيون ، والبيوت القلوب ، فمنها عامرة بالذكر ، ومنها خراب بالغفلة عن الذكر.
وفي قوله تعالى : (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) [الروم : ٥٠] قال : حياة القلوب بالذكر.
وقال في قوله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [الروم : ٤١] الآية ـ مثل الله القلب بالبحر ، والجوارح بالبر. ومثله أيضا بالأرض التي تزهى بالنبات. هذا باطنه.
وقد حمل بعضهم قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [البقرة : ١١٤] على أن المساجد القلوب ، تمنع بالمعاصي من ذكر الله.
ونقل في قوله تعالى : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) [طه : ١٢] أن باطن النعلين هو الكونان الدنيا والآخرة ، فذكر عن الشبليّ أن معنى : «اخلع نعليك» اخلع الكل منك تصل إلينا بالكلية.
وعن عطاء «اخلع نعليك» عن الكون ، فلا تنظر إليه بعد هذا الخطاب.
وقال : النعل النفس ، والواد المقدس دين المرء ، أي حان وقت خلوك من نفسك ، والقيام معنا بدينك ، وقيل غير ذلك مما يرجع إلى معنى لا يوجد في النقل عن السلف.
وهذا كله ، إن صح نقله ، خارج عما تفهمه العرب ، ودعوى ما لا دليل عليه في مراد الله بكلامه.
ولقد قال الصديق : «أيّ سماء تظلني ، وأيّ أرض تقلني ، إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم» وفي الخبر : من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ. وما أشبه ذلك من التحذيرات.
وإنما احتيج إلى هذا كله لجلالة من نقل عنهم ذلك من الفضلاء ، وربما ألمّ الغزاليّ بشيء منه في الإحياء وغيره. وهو مزلة قدم لمن لم يعرف مقاصد القوم. فإن الناس ، في أمثال هذه الأشياء ، بين قائلين : منهم من يصدق به ويأخذه على ظاهره ويعتقد أن ذلك هو مراد الله تعالى من كتابه ، وإذا عارضه ما ينقل في كتب التفسير على خلافه ، فربما كذب به أو أشكل عليه. ومنهم من يكذب به على الإطلاق ويرى