يعوج فيقوم ، ولا يزيغ فيستعتب ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الرد إلخ ، فكونه حبل الله بإطلاق ، والشفاء النافع ، إلى تمامه ، دليل على كمال الأمر فيه ، ونحو هذا في حديث عليّ عن النبيّ عليهالسلام (١).
وعن ابن مسعود ، أن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه. وأن أدب الله القرآن. وسئلت عائشة (٢) عن خلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : كان خلقه القرآن ، وصدق ذلك قوله : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم : ٤]. وعن قتادة : ما جالس القرآن أحد إلا فارقه بزيادة أو نقصان. ثم قرأ : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) [الإسراء : ٨٢]. وعن محمد بن كعب القرظيّ في قول الله تعالى : (إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ) [آل عمران : ١٩٣]. قال : هو القرآن. ليس كلهم رأى النبي صلىاللهعليهوسلم. وفي الحديث (٣) : يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله. وما ذاك إلا أنه أعلم بأحكام الله. فالعالم بالقرآن عالم بجملة الشريعة. وعن عائشة أن من قرأ القرآن فليس فوقه أحد. وعن عبد الله قال : إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين. وعن عبد الله بن عمر قال : من جمع القرآن فقد حمل أمرا عظيما ، وقد أدرجت النبوة بين جنبيه ، إلا أنه لا يوحى إليه. وفي رواية عنه : من قرأ القرآن فقد اضطربت النبوة بين جنبيه. وما ذاك إلا أنه جامع لمعاني النبوة. وأشباه هذا مما يدل على هذا المعنى. ومنها التجربة وهو أنه لا أحد من العلماء لجأ إلى القرآن في مسألة إلا وجد لها فيه أصلا. وأقرب الطوائف من إعواز المسائل النازلة أهل الظواهر
__________________
(١) أخرجه الدارمي في سننه ، في فضائل القرآن ، باب فضل من قرأ القرآن ، ونصه : عن الحارث قال : دخلت المسجد فإذا أناس يخوضون في أحاديث. فدخلت على علي فقلت : ألا ترى أن ناسا يخوضون في الأحاديث في المسجد؟ فقال : قد فعلوها؟ قلت : نعم. قال : أما أني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ستكون فتن». قلت : وما المخرج منها؟ قال : «كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس بالهزل. هو الذي من تركه من جبّار قصمه الله. ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله. فهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم. وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلماء. ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه. وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً). هو الذي من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أجر ، ومن دعي إليه هدي إلى صراط مستقيم.
(٢) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها. حديث رقم ١٣٩ ، عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : فإن خلق نبي الله صلىاللهعليهوسلم كان القرآن.
(٣) أخرجه البخاري في الأذان ، باب إمامة العبد والمولى ، لقول النبي صلىاللهعليهوسلم : يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله.