قال في الكشاف : وقرئ (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) ـ بسكون الميم ـ وهو المسخرة ، الذي يأتي بالأوابد والأضاحيك فيضحك منه ويشتم.
قوله تعالى : (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ)
قرئ (جمع) بالتخفيف والتشديد في السبع ، وعدده : القراءة الظاهرة بالتشديد ، وقرئ في الشاذ بالتخفيف ، ومعناه : أحصى عدده أو جمع ماله ، وقومه الذين ينصرونه ، من قولك : فلان ذو عدد وعدد ، إذا كان له عدد وافر من الأنصار ، وما يصلحهم.
وقيل : وعدّده بمعنى عدّه ، لكن فك الادغام ، وقيل : عدّده أي : جعله ذخرا له لنوائب الدهر. وقيل : جعله عتادا له عن مقاتل ، والمراد جمع مالا من غير حله ، ومنعه حقه.
وروي أنه كان للأخنس بن شريق أربعة آلاف دينار وقيل عشرة آلاف.
وعن الحسن ـ رضي الله عنه ـ : أنه عاد موسرا فقال : ما تقول في الورق (١) لم أفتد بها من لئيم ، ولا تفضلت على كريم ، قال : ولكن لما ذا؟ قال : لنبوة الزمان وجفوة السلطان ، ونوائب الدهر ، ومخافة الفقر ، قال : إذا تدعه لمن لا يحمدك ، وترد على من لا يعذرك.
وقوله تعالى : (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ)
يعني : طول المال أمله ، ومناه الأماني البعيدة.
ثمرة ذلك : تحريم ما ذكر من الهمز واللمز وتجميع المال على وجه لا يحل ، ومنع حقه ، والمكاثرة به ، والمفاخرة بالقول ، وتحريم اعتياد التعجيب والتضحيك. وأما كون الهمز واللمز يقطع بكبره فإذا كان ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان كفرا.
قال الإمام يحيى : وأما الأئمة والعلماء فيكون فسقا ، ولغيرهم لا يقطع بكبره ، وما وردت فيه الآية بالوعيد كان من الكفار ، وكان لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فذلك ورد فيه الوعيد.
__________________
(١) في الكشاف ألوف تمت.