وقد أخذ من القصة أحكام : الأول : أن الصلح للكفار المؤقت جائز ، حيث لا يكون للمسلمين قوة ،
ومنها : أنهم إذا نقضوا العهد تعديا ونكاية جاز غزوهم سرا ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج خفية وقال : «اللهم عم العيون والأخبار».
ومنها : أنه يجوز للإمام كما فعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أهل مكة.
ومنها : أنه يجوز دخولها لحرب من التجأ إليها من الكفار من غير إحرام ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم دخل وعلى رأسه المغفر.
قال الإمام يحيى بن حمزة : وأما قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار» فالمراد له ولمن كان على صفته ، وكلام الإمام عليهالسلام محتمل في دخول غير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
سورة تبت (المسد)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ما).
النزول : لما نزل قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء : ٢١٤] رقا صلىاللهعليهوآلهوسلم الصفاء وقال : «يا صباحاه» فاستجمع الناس إليه من كل أوب ، وقال : «يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر إن أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقي؟» قالوا : نعم ، قال : «فإني نذير لكم بين يدي الساعة» فقال أبو لهب : تبا لك ، ألهذا دعوتنا ، فنزلت.
ولهذه ثمرة : وهي جواز تكنية الكفار إذا كان اسمه أخفى من الكنية ، فقد قيل : إنما كناه الله تعالى بأبي لهب وعدل عن اسمه ؛ لأن كنيته أشهر ، فأريد تقريعه بدعوة السوء ، ولأن اسمه عبد العزى فعدل عن ذكر الصنم ، ولأن مصيره لما كان إلى نار ذات لهب وافق حاله كنيته ، وكان جدير بأن يكنى بحالته التي يصير إليها ، كما يقال : أبو الشر للشرير ، وأبو الخير للخير.