[.....]
ومثلوه أيضا بقوله تعالى : (جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ) [سورة الفصلت : ٢٨].
قوله تعالى : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ).
قال الفخر في مقاربة المعقول : المعرفة من باب التصورات ، والعلم من باب التصديقات ، وكذلك قال ابن الأنباري في شرح البرهان ، والقرافي في شرح المحصول ، ورد ابن عرفة : بأن القائل : عرفت زيدا حسن ، أن يقال له : صدقت أو كذبت وقد فرق المنطقيون بين التصور والتصديق فجعلوا الصدق والكذب من عوارض التصديق لا من عوارض التصور ، قيل لابن عرفة : إن ابن العربي جعل العلم والمعرفة شيئا واحدا ، ذكر ذلك في شرح الأسماء الحسنى فأنكر ابن عرفة ، وقال : خالفت فيه الناس النحويون والأصوليون ، فإنهم قالوا : لا يصح خلق المعرفة على الله تعالى لأنها توهم تقدم الجهل ، وأنه كان العلم أولا ثم عرض عنه سهوا ونسيان ، ثم في المعرفة بعد ذلك ، وعليه قال صاحب الجمل في قوله تعالى : (لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ) [سورة الأنفال : ٦٠] ، لا تعرفونهم الله يعلمهم ، وهذا من حيث الإطلاق فقط ، قال ابن عرفة : ففي الآية مأخذان فرعي وأصولي ، أما الفرعي فالاكتفاء في أداء الشهادة بالصفة ، وهو أن الشاهد إذا رأى شهادته وخطه وعاين صفات المشهود عليه ، وقابلها مع ما في الوثيقة ، فعلم أنه هو الذي شهد عليه ، وأنه يؤدي شهادته ، ويقوم بها ووجه الدليل من الآية أنها اقتضت كون المعرفة بالسيماء سببا في الأخذ بالنواصي والأقدام ، قيل لابن عرفة : السيماء هنالك لا تنتابه على الملائكة ، وفي الدنيا تجد الصفات متشابهة ، وكثير من الناس تتفق صفاتهم ، فقال : بين إدراك المشابهة صفة المشهود عليه ، وبين حصول العلم له بعد إدراكها أنه هو الذي كان شهد عليه فما كلامه فيه إلا بعد حصول العلم بذلك ، وأما قبله فلا خلاف ، أنه لا يحل له ، أو لشهادته ، قال : وإنما الجواب : أن الدار ليست دار تكليف دار الدنيا ، وأما الأصولي فهو التعريف بالخاصة ، وقد ذكروا ذلك في المعرفات ، والصحيح عندهم جوازه ، ونقل ابن الحاجب وغيره عن تفسير السمرقندي منع التعريف بالمفرد ، إما الجنس وحده أو خاصة وحدها ، قال : والمتقدمون لم يكونوا يعرفون بذلك ، وإنما يعرفون بالمركب من الجنس والخاصة ، واختاره ابن الشيرازي شارح ابن الحاجب ، والكل على خلافه ، لأنهم ذكروا في المعرفات الرسم الناقص.
قوله تعالى : (هذِهِ جَهَنَّمُ).