سورة المنافقون
[........] التحقيق وقوع مدلولها.
قوله تعالى : (ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
أطلق على الاعتقاد عملا.
قوله تعالى : (آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا).
الزمخشري : يحتمل أن يريد أنهم آمنوا في الظاهر ثم كفروا ظاهرا وباطنا ، ثم كفروا كذلك ، انتهى ، الصواب الأول ؛ لأن الأصوليين ذكروا في القياس أن العلة إذا كانت مركبة من أمرين ، فلا بد أن يكون كل واحد منهما صالحا ، لأن يعلل به الحكم استقلالا أو يكون التعليل بالمجموع ، ويكون كل واحد ينافي الحكم ولا يضاهيه ، وهذا لا يصح أن يكون الأعمال ظاهرا أو باطنا علة مستغفلة في ذمهم ، والطبع على قلوبهم ولآخر علة ، لأنه مناقض للزم والطبع ، فإن قلت : الزم إنما هو على الانتقال منه إلى الكفر ، قلت : الإغفال أمر نسبي فصدق أنه تعليل مركب.
قوله تعالى : (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ).
إما أن يراد مطلق الفهم ، وهو مطلق الشعور بالشيء أو يراد فهم الأشياء الدقيقة ، وهذا دليل على أن العقل في القلب ، قال ابن رشد : وهو مذهب أكثر الفقهاء ، وأقل الحكماء والفلاسفة.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ).
عبر بالقول إشارة إلى كلامهم غير مفيد ، فهو بمنزلة سماع الأجراس وغيرها وكذلك قال (تَسْمَعْ) ، ولم يقل : تستمتع ؛ لأنه إنما سمعه مجرد من غير قصد ودخلت اللام للتعليل ، أي سماعك إنما هو مجرد قولهم اللفظي الذي لا معنى له كسماع احتكاك الأجرام ، وكان بعضهم يفرقه بين تعدي سمع بنفسه أو بالإنابة في الأول يقتضي الاعتناء بالمسموع بخلاف الثاني ، وعبر في الأول : بماذا والفعل الماضي ، وفي الثاني : بأن والفعل المستقبل ؛ لأن إذا لتحقق الوقوع ، والماضي محقق الوقوع بخلاف المستقبل ، وخصص الأول بإذا والثاني بإذا ؛ لأن أجسامهم لقيت من فعلهم ولا صنع لهم فيها ولا كتب فهي أمر خبري ، فرؤيتها محققة لدوام وجودها مدة حياتها ، وقولهم راجع إلى كسبهم واختيارهم ، إن شاءوا نطقوا أو سكتوا ، فليس بدوام لانقطاعه بسكوتهم فتوجد أجسامهم وهم سكوت ، فلذلك عبر بلأن سماع قولهم غير