مفهومه أن المؤمنين تنفعهم أو يكون مثل" على لاحب" ، فإن قلت : هلا قيل : فلا شافع لهم فهو أبلغ وأعم ، قلت : هو تنبيه على حرمانهم من قبول الشفاعة فيهم مع قبولها في المؤمنين فإن قلت : هذا فعل في سياق النفي فهو عام ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن شفاعته نفعت أبا طالب ، قلت : إنما الشفاعة في زوال ما وقع ، وقد حصل تخفيف عذاب أبي طالب قبل الشفاعة ، وهذه ... (١) على المعتزلة النافين للشفاعة ، وحمله الزمخشري على رفع الدرجات جريا على مذهبه وهو باطل ؛ لا أن الكفار لم يثبت لهم دخول الجنة فزعا عن أن ننفي عنهم رفع الدرجات فيها.
قوله تعالى : (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ).
المراد بالتذكر الاعتبار لا النسيان فتدل على وجوب النظر لذمهم على تركه.
قوله تعالى : (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ).
لما شبههم بالحمر أو أنهم إذا نفذوا الأمر خافوه كالحمر فنفي هذا التوهم.
قوله تعالى : (وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ).
الزمخشري : (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) أي إلا أن يقرهم على الذكر ويلجئهم إليه ؛ لأنهم مطبوع على قلوبهم معلوم أنهم لا يؤمنون اختيارا ، انتهى.
كأنه يقول : إلا أن يشاء الله ذكركم واعتباركم مشيئة فسروا لها وهذا من ضعفهم في أصول الدين ؛ لأن مذهب المعتزلة أن العبد يخلق أفعاله ويستقل بها وهم يوافقونا في أن الداعي مخلوق لله ؛ إذ لو كان مخلوق للعبد لاحتاج إلى داع ويلزم التسلسل ، ولذلك يقولون : لو لا العلم والداعي لصح الاعتزال ، وتم له سبب [...] تفرق بين الفعل وبين الداعي للفعل ، وبين الحركة والداعي لها ، ومعنى قولهم : القسر والإلجاء أن شرب الإنسان الشراب اللذيذ الطيب من فعله واختياره ، وشراب المؤمنين الشراب الكريه الطعم بالقسر والإلجاء ، ففسره على مذهبه الباطل في خلق الأفعال ، ولا يحتاج إلى ذلك ولو أبقاه على ظاهره ، فقال معناه : إلا أن يشاء الله مشيئتكم لصح عندنا أو عندهم لأنه يرجع إلى خلق الداعي وإن فسرناه نحن بالأفعال فنقول معناه إلا أن يشاء ذكركم إلا أن يخلق الله في قلوبكم الذكر والاعتبار فتؤمنوا ، والخطاب لهم باعتبار من لم يؤمن ؛ لأن بعضهم آمن بعد نزول هذه الآية.
__________________
(١) طمس في المخطوطة.