وجوبه شرعاً حتى قصد القربة وقصد القربة مما يحتاج إلى الأمر المعلوم تفصيلا أو إجمالا ولا أمر كذلك في الشبهات البدوية.
(واما) إذا كان اعتبار قصد القربة بحكم العقل ولم يكن داخلا في المأمور به كما حققناه في التعبدي والتوصلي فجريان الاحتياط في العبادات في كمال الإمكان للتمكن من الإتيان بكل ما احتمل وجوبه شرعاً من الاجزاء والشرائط غايته انه لا بد أن يؤتي به على نحو لو كان مأموراً به واقعاً كان مقرباً فيؤتى به بداعي احتمال الأمر أو بداعي احتمال محبوبيته فإن كان مأموراً به واقعاً كان امتثالا لأمره وإن لم يكن مأموراً به كان انقياداً للمولى فهو على كل حال يستحق الثواب إما على الطاعة وإما على الانقياد.
(أقول)
والإنصاف أن الإشكال غير مبتن على كون القربة المعتبرة في العبادة كسائر الاجزاء والشرائط مما يتعلق به الأمر شرعاً بل هو إشكال غير مربوط بهذه الناحية أبداً فإن التقرب معتبر في العبادة لا محالة سواء كان بحكم الشرع أو بحكم العقل والمستشكل يدعي توقف التقرب المعتبر فيها إما شرعاً أو عقلا على العلم بالأمر اما تفصيلا أو إجمالا ولا أمر كذلك في الشبهات البدوية (والحق) في جوابه هو المنع عن توقفه على العلم بالأمر بل التقرب كما يحصل بإتيان الفعل بداعي الأمر في صورة العلم به فكذلك يحصل بإتيانه بداعي احتمال الأمر وبرجاء مطلوبيته الواقعية في صورة الشك فيه ولو لا ذلك لم يتمش قصد القربة حتى في صورة العلم الإجمالي بالأمر كما في الصلوات الأربع عند اشتباه القبلة لعدم العلم بالأمر في كل صلاة يصليها المكلف على حده فيكون حالها كحال الصلاة في الشبهات البدوية عيناً (ولو سلم الفرق بينهما فبعد الإتيان بأحد المحتملات يرتفع العلم الإجمالي لاحتمال مصادفة ما أتى به مع المأمور به الواقعي وإن فرض بقاء أثره وهو وجوب الإتيان بباقي المحتملات عقلا فكما يقال حينئذ إن قصد القربة يتمشى بالإتيان بالفعل برجاء كونه مأموراً