(قوله إن قلت نعم ولكن العقل يستقل بقبح الإقدام على ما لا يؤمن مفسدته أو انه كالإقدام على ما علم مفسدته ... إلخ)
(وحاصل الإشكال) انه سلمنا ان احتمال الحرمة في الشبهات مما لا يستلزم احتمال المضرة بل يستلزم احتمال المفسدة وهي ليست من الأضرار الواردة على فاعله (ولكن) العقل يستقل بقبح الإقدام على ما لا يؤمن مفسدته كالإقدام على ما علم مفسدته كما استدل به شيخ الطائفة رضوان الله عليه على ان الأشياء على الوقف إلى ان يعلم الرخصة فيه على ما سيأتي لك شرحه في الوجه الثاني من وجهي العقل لوجوب الاحتياط (وعليه) فلا يتم البراءة العقلية في الشبهات البدوية من هذه الجهة وإن تمت من جهة المؤاخذة والعقوبة الأخروية (وحاصل الجواب) ان استقلال العقل بذلك ممنوع بشهادة الوجدان وبمراجعة ديدن العقلاء كيف وقد أذن الشارع في الإقدام على ما لا يؤمن مفسدته إذ المفروض ترخيصه في الشبهات البدوية بمقتضى الأدلة المتقدمة للبراءة ولا يكاد يأذن الشارع بارتكاب أمر قبح أبداً (وفيه) أنا لو تشبثنا هنا بإذن الشارع في الإقدام على ما لا يؤمن مفسدته واستكشفنا بذلك عدم قبحه عقلا لسقط البراءة العقلية عن كونها أصلا مستقلا برأسه بل نحتاج فيها إلى الترخيص المذكور من الشرع لنخلص عن حكم العقل بقبح الإقدام على ما لا يؤمن مفسدته ولعله إليه أشار المصنف أخيراً بقوله فتأمل.
في الاستدلال على البراءة بوجوه غير ناهضة
(ثم) إن هذا كله تمام الكلام في الوجوه الأربعة التي استدل بها للبراءة من الكتاب والسنة والإجماع والعقل (وقد ذكر الشيخ) أعلى الله مقامه بعد ذلك وجوهاً أخر من القوم للبراءة غير ناهضة كما صرح به (قال) وقد يستدل على البراءة بوجوه غير ناهضة.