(ثانيهما) أن الأصل في الأفعال عند الشك في حرمتها واحتمال ورود النهي فيها وعدم وصوله إلينا هل هو حليتها ظاهراً إلى أن يثبت الحرمة أم لا بل الأصل في ظرف الشك هو الاحتياط إلى أن يثبت الحل وهذا هو النزاع المعروف بين المجتهدين والأخباريين (والفرق بين النزاعين) أن مجري الأول هو ما علم بعدم ورود النهي عنه ومجري الثاني هو ما احتمل ورود النهي عنه ثبوتاً وانه اختفى علينا ولم يصل إلينا (ففي المقام) إن اعتمدنا في الحديث الشريف على رواية الصدوق أو الطوسي فهو نافع للنزاع الأول ويكون هو دليلا اجتهادياً كالدليل على المباحات ويكون مدركاً لكون الأصل في الأشياء هو الإطلاق حتى يرد فيه نهي وليس هو أصلاً عملياً مضروباً لظرف الشك أبداً (وإن اعتمدنا) في الحديث الشريف على رواية الأمالي فهو نافع للنزاع الثاني ويكون مدركاً للبراءة الشرعية الجارية في ظرف الشك أي لإباحة الشيء وإطلاقه ظاهراً مع احتمال ورود النهي فيه واقعاً.
(قوله لا يقال نعم ولكن بضميمة أصالة العدم صح الاستدلال به وتم ... إلخ)
(وحاصل الإشكال) انه نعم يصدق الورود على صدور النهي عن الشارع وإن اختفي علينا لبعض الأسباب والدواعي ولكن الأصل عدم صدوره فإنه مسبوق بالعدم فيستصحب عدمه فيتم الاستدلال بضميمة الأصل (وحاصل الجواب) ان الاستدلال حينئذ وان كان يتم بضميمة الأصل ويحكم بإباحة ما شك في حرمته لكن لا بعنوان انه مشكوك الحرمة ومحتمل النهي بل بعنوان انه مما لم يرد فيه نهي (وبعبارة أخرى) ان مفاد الأدلة المتقدمة التي استدل بها للبراءة هو الحكم بحلية المشكوك ظاهراً مع احتمال حرمته وورود النهي عنه واقعاً ومفاد هذا الحديث الشريف بضميمة الأصل هو أن المشكوك حرمته مما لم يرد فيه نهي واقعاً فهو مطلق حلال من هذه الجهة لا من جهة انه مشكوك الحرمة يحتمل ورود النهي عنه واقعاً