تلك الثمار مختلفة في غلف أكمامها تجني من غير تكلف فتأتي على مُنْية مجتنيها ويطاف على نزالها في أفنية من قصورها بالاعسال المصفقة والخمور المروقة» الخ.
ولقد حاورني ببغداد سنة ١٣٢٨ هـ رئيس كتاب القنصلية البريطانية (نرسيساس) من فضلاء الأرمن زاعماً تفوّق نهج البلاغة على كل كلام عربي لكثرة ما فيه من السهل الممتنع الذي لا يوجد في سواه وانقياد الأسجاع الصعاب فيه بلا تكلف واستشهد بقوله :
«أم هذا الذي خلق في ظلمات الأرحام وسجف الأستار نطفة دهاقاً وعلقة محاقاً فجنيناً وراضعاً ووليداً ويافعاً ثم منحه بصراً لاحظاً ولساناً لافظاً وقلباً حافظاً» الخ.
معجباً بحسن التسجيع وكيف يجري الروي كالماء السلسال على لسان الإمام عليهالسلام (ثم قال) ولو كان يرقى هذا الخطيب العظيم منبر الكوفة في عصرنا هذا لرأيتم مسجدها على سعته يتموج بقبعات الافرنج للاستقاء من بحر علمه الزاخر (١).
ولقد أحسن الوصف أستاذ الفن (حسن نائل المرصفي) (٢) مدرس
__________________
(١) كان السيد يردّد كلام هذا النصراني في التنويه بـ (نهج البلاغة) في مجلسه العامر يومئذ وكنتُ ممن سمعه مِنْهُ.
(٢) محمد بن حسن نائل المرصفي : صحفي ، من ادباء مصر. نسبته الى مرصفا (من قراها الكبيرة) نشأ في القاهرة ، وقرأ مدة في الأزهر ودار العلوم ، وعين مدرسا للعربية في مدارس (الفرير) ثم أصدر مجلة (الجديد) ومجلة (شهرزاد) إلى يوم وفاته ، له كتب مدرسية وضعها ايام اشتغاله بالتعليم. منها (الابداع ـ ط) في الاملاء و (أدب اللغة العربية ـ ط) جزآن. وله تعليقات على شرح نهج البلاغة للشيخ محمد عبده ، في طبعتي دار الكتب