البيان بكلية الفرير الكبرى بمصر في مقدمة الشرح على نهج البلاغة فجمع بإيجاز أطراف حول عبقرية الإمام مزاياه العالية وشرح ماهية كلامه في نهج البلاغة ملخصاً فيما يأتي قال :
«بهذه الخصال الثلاث ـ يعني جمال الحضارة الجديدة وجمال البداوة القديمة وبشاشة القرآن الكريم ـ امتاز الخلفاء الراشدون ، ولقد كان المجلي في هذه الحلبة علي صلوات الله عليه ؛ وما أحسبني أحتاج في إثبات هذا إلى دليل أكثر من نهج البلاغة ؛ ذلك الكتاب الذي أقامه الله حجة واضحة على أن علياً رضي الله عنه قد كان أحسن مثال حي لنور القرآن وحكمته وعلمه وهدايته وإعجازه وفصاحته. اجتمع لعلي عليه السلام في هذا الكتاب ما لم يجتمع لكبار الحكماء وافذاذ الفلاسفة ونوابغ الربانيين من آيات الحكمة السامية وقواعد السياسة المستقيمة ومن كل موعظة باهرة وحجة بالغة تشهد له بالفعل وحسن الأثر.
خاض عليٌ في هذا الكتاب لجة العلم والسياسة والدين فكان في كل هذه المسائل نابغة مبرزاَ ولئن سالت عن مكان كتابه من الأدب بعد أن عرفت مكانه من العالم فليس في وسع الكاتب المسترسل والخطيب المصقع والشاعر المفلق أن يبلغ الغاية في وصفه والنهاية من تقريظه وحسبنا أن نقول : أنه الملتقى الفذ الذي التقى فيه جمال الحضارة وجزالة البداوة والمنزل الفرد الذي اختارته الحقيقة لنفسها منزلاً تطمئن فيه وتأوى إليه بعد أن زلت بها المنازل في كل لغة» الخ.
وكم مثل هذا في الواصفين لنهج البلاغة من حكموا بتفوقه على
__________________
والميمنية ، توفي بالقاهرة سنة ١٣٥٣ هـ. الاعلام : ج ٦ / ٩٥.