لا يهمّ معهما (١) من أمر الدنيا بشيء ، ولا يحدّث قلبه بفكر الدنيا ، أهديه إحدى هاتين الناقتين؟». فقالها مرّة ومرّتين وثلاثة ، فلم يجبه أحد من الصحابة.
فقام أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : «أنا ـ يا رسول الله ـ أصلّي ركعتين أكبّر تكبيرة الأولى وإلى أن أسلّم منهما لا ، أحدّث نفسي بشيء من أمر الدنيا». فقال : «يا عليّ ، صلّ صلّى الله عليك». فكبّر أمير المؤمنين عليهالسلام ، ودخل في الصلاة ، فلمّا فرغ من الركعتين ، هبط جبرئيل عليهالسلام على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا محمّد ، إنّ الله يقرئك السّلام ، ويقول لك أعطه إحدى الناقتين. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي شارطته أن يصلّي ركعتين لا يحدّث نفسه فيهما بشيء من أمر الدنيا ، أعطه إحدى الناقتين إن صلّاهما ، وإنّه جلس في التشهد فتفكر في نفسه أيّهما يأخذ!».
فقال جبرئيل : يا محمّد ، إنّ الله يقرئك السّلام ، ويقول لك : تفكّر أيّهما يأخذها ، أسمنها وأعظمها ، فينحرها ويتصدّق بها لوجه الله ، فكان تفكّره لله عزوجل ، لا لنفسه ولا للدنيا. فبكى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأعطاه كلتيهما ، فأنزل الله فيه : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى) ، لعظة (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) عقل (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) ، يعني استمع أمير المؤمنين بأذنيه إلى ما تلاه بلسانه من كلام الله : (وَهُوَ شَهِيدٌ) ، يعني وأمير المؤمنين حاضر (٢) القلب لله في صلاته ، لا يتفكر فيها بشيء من أمر الدنيا (٣).
__________________
(١) في المصدر : لا يهتم فيهما.
(٢) في المصدر : شاهد.
(٣) مناقب ابن شهر آشوب ٢ : ٢٠.