يا آدم ، ويا حوّاء لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد ، فأهبطكما عن جواري ، وأحلّ بكما هواني. (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ* وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ)(١) ، وحملهما على تمنّي منزلتهم ، فنظرا إليهم بعين الحسد ، فخذلا حتّى أكلا من شجرة الحنطة ، فعاد مكان ما أكلا شعيرا فأصل الحنطة كلّها ممّا لم يأكلاه ، وأصل الشعير كلّه ممّا عاد مكان ما أكملاه ، فلمّا أكلا من الشجرة طار الحليّ والحلل عن أجسادهما ، وبقيا عريانين (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ* قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٢) ، قال : اهبطا من جواري ، فلا يجاورني في جنّتي من يعصيني ، فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش.
فلمّا أراد الله عزوجل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل عليهالسلام ، فقال لهما : إنّكما ظلمتما أنفسكما بتمنّى منزلة من فضل عليكما ، فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عزوجل إلى أرضه ، فسلا ربّكما بحقّ الأسماء التي رأيتماها على ساق العرش حتّى يتوب عليكما.
فقالا : اللهمّ إنّا نسألك بحقّ الأكرمين عليك : محمّد ، وعليّ ، وفاطمة ، والحسن والحسين ، والأئمّة عليهمالسلام إلّا تبت علينا ورحمتنا ، فتاب الله عليهما إنّه هو التوّاب الرّحيم.
فلم يزل أنبياء الله يحفظون هذه الأمانة ، ويخبرون بها أوصياؤهم
__________________
(١) الأعراف ٧ : ٢٠ ـ ٢١.
(٢) الأعراف ٧ : ٢٢ ـ ٢٣.