العلم المركوز فيهم والمضمر ، فهم يستشعرونه بالفطرة ويحدسون.
٢٦ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (٢٦))
[البقرة : ٢٦]
المثل المثال وهو نتاج اسمه الحي الذي هو الحد الفاصل بين واجب الوجود والممكن الوجود ، فكل ما عدا الله قائم باسمه الحي ، ولا سبيل إلى تجاوز هذا الحد الذي هو الحياة .. ولهذا ضرب الله مثلا خلق البعوضة التي هي على صغر حجمها وحقارتها مثل حي لعظمة الخالق إذ رغم تقدم الإنسان في مضمار الحضارة العلمية فهو عاجز عن خلق بعوضة أو أكبر منها أو أصغر.
وقوله : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) فيفيد عدم اعتبار الكفار بالموعظة ، إذ هم يردون ما يرون من آيات الطبيعة إلى الطبيعة نفسها باعتبارها الصانعة الخالصة.
٢٧ ـ (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧))
[البقرة : ٢٧]
نقض الميثاق إشارة إلى عالم الذر حيث كانت الأسماء مطوية ، وهو ما يقال بلغة الفلسفة : كائن بالقوة ، فلما انتشرت الأسماء خرج الأصيل فآمن ، وخرج النقيض فكفر.
٢٨ ـ (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨))
[البقرة : ٢٨]
الموت كون الوجود في حال العدم قبل الإحياء ، وكل ما في الحياة من حي قائم باسمه الحي ، إذ أن حياته ليست منه ، والموت الثاني موت الاسم ، وفيه يرى المكاشف نفسه مسلوبا من ادعائه ، وإن كل لما جميع لدى الله محضرون ، وإليه راجعون ، وهذا الرجوع هو ما تسميه الصوفية البقاء بعد الفناء وهو بقاء بالله.
٢٩ ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩))
[البقرة : ٢٩]
الأرض المهد ، وهي إشارة إلى الهيولى أو المادة الأولى ، والسماء الذر أي النور ، والسموات السبع محل الصفات الإلهية السبع قائمة باسمه العليم.
٣٠ ـ (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها