وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٠))
[البقرة : ٣٠]
الملائكة صاحبة المعقولات في حال الطي ، والأصل صفته الخير كما قال أفلوطين ، وبنشر المعقولات خرج الأذلان التابعان لاسمه المزدوج الرافع الخافض ، ومن جانب الخفض انتشر الشر وسفكت الدماء ، والظاهر ، كما قالت الملائكة ، شر ، والباطن فتق الطي ، ولهذا كان جواب الحق سبحانه (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ).
٣١ ، ٣٣ ـ (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١) قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣))
[البقرة : ٣١ ، ٣٣]
آدم الجمعية الأسمائية في حالي الطي والنشر ، فلهذا جمع لهذا المخلوق النوعي ، والمخلوق على صورة الرحمن ، ما لم يجمع لأي مخلوق نوعي آخر في حال الطي ، إذ أن خروج المعقولات من القوة إلى الفعل يعني تفتق قوى الأسماء ، فالأسماء ذاتية ، مرتقة ، لا حول لها ولا قوة ، وآدم مفتقها ومخرجها من الطي إلى النشر ، والمعقول ما لم يفتق لا دور له ولا حكم بل ولا وجود فهو والعدم سيان ، فقولك أنا كريم ، دون أن يتعدى قولك إلى فعلك لا معنى له ، ولهذا تجد الناس إذا سمعوا المدعي يدعى ترجحوا بين الشك واليقين ، أما إذا رأوا فعله زال الشك وبقي اليقين.
٣٤ ـ (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٣٤))
[البقرة : ٣٤]
إبليس شق من الاسم المزدوج ، فله الخفض ، فهو الحجاب المسدل بين الحق والخلق.
٣٥ ، ٣٦ ـ (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٣٦))
[البقرة : ٣٥ ، ٣٦]
في حديث للنبي صلىاللهعليهوسلم أن الشجرة الحنطة ، والحنطة رمز الحياة ، والحياة العالم الحي ، أي العيان ، فالآية تضع آدم وزوجه بين العدم والوجود ، ولما كان سبحانه الحي القيوم ، كان آدم وزوجه في أحضان الألوهية ، أي في الجنة ، ومفارقة الألوهية هي الحجاب الذي أسدله إبليس بين آدم وزوجه من جهة وبين الله من جهة أخرى ، فالنفي إبعاد ، والإبعاد لحكمة ، لأنه من غير الإبعاد لا تقريب ، وبالتالي لا علم ، والقصد من خلق ابن آدم التعلم ومعرفة الله.