فالمظهر له نصيب من هذا التحقيق ، أما نصيب النساء فله لطيفة ، ذلك لأن المظهر الواحد ، وهو الإنسان ، هو فاعل ومنفعل معا ، فالفاعل فيه الروح ، والمنفعل النفس ، وكلاهما موجود في المظهر نفسه. وعلى هذا فنصيب كل منهما كون الروح ظاهرا بالنفس ، وكون النفس محلا لقبول الروح ، وكون الجسم مظهرا للروح والنفس ، وحاملا لهما ، ومحمولا بهما.
٣٤ ، ٣٥ ـ (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ وَاللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (٣٤) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً (٣٥))
[النساء : ٣٤ ، ٣٥]
فضّل الله الرجال على النساء باعتبار أن الفاعل فوق المنفعل ، وقوله : (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) يعني ما للروح من صفات يظهرها في النفس سميت في الفلسفة مقولات ، وسميت بالمصطلح الفلسفي الحدس .. فللروح عند النفس يد بيضاء ، بل أياد بيض ، واليد العليا أي العطاء خير من اليد السفلى أي الأخذ.
وقوله : (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَ) يعني خاطر النفس الحيوانية التي مظهرها حواء ، فهذا الخاطر ذو نشاز ، وعلى القلب أن يأخذ حذره منه ، وأن يهجره عند اللزوم كما يفعل المريد في الخلوة ، والمضجع البدن الذي هو محل الروح كما قلنا سابقا ، والضرب مقاومة الخاطر النفسي بالخاطر الملكي أو الإلهي الذي هو قاهر.
وقوله : (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) يعني أن الله ما خلق الخواطر إلا لحكمة ، وحكمة الخاطر السلبي تحريك الخاطر الإيجابي ، ويكون التحريك بالمقاومة أي بالجهاد ، فإذا تحقق الإيجاب ، وانكشف الحجاب فلا خوف على القلب عندئذ من الخاطر النفسي الذي له نصيبه ، وقد جعل الحق للقلب في هذا المقام فسحة وراحة ، قال ابن عربي في العارفين : سرح أعياننا وأباح لنا التصرف فيما حجره علينا.
٣٦ ـ (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً (٣٦))
[النساء : ٣٦]
الأسماء الواردة ، إشارة إلى العائلة الجامعة وهي عائلة الأسماء الوجودية ، ولكل منها في الوجود حقها في الوجود ونصيبها من الكسب ، والأخلاق الإسلامية جامعة بدورها ، أي