اتباع الشهوات الخضوع لخاطر النفس الأمارة التي تزين للقلب حب الشهوات من كل شيء ، ومد العينين إلى الدنيا وزينتها ، وهذا الاتباع حجاب عن الله وبعد عن الروح.
٢٨ ـ (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (٢٨))
[النساء : ٢٨]
الضعف الإنساني ناجم عن كون القلب أسير النفس منذ البداية ، هو يظن بها خيرا ، وهي تضمر له السوء وتأمره بالفحشاء ، وهدفها إسدال الحجاب على البصيرة.
٢٩ ، ٣٠ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠))
[النساء : ٢٩ ، ٣٠]
قتل النفس هنا بمثابة إحيائها في نظر من يظن أن في اتباع هوى النفس لذة وحياة ، وهو الشرب من الماء الأجاج كما وصفه سبحانه في موضع آخر ، فالنفس إذا لم تقتل بسيف الحق نفسه لا تحيا حياتها الأبدية ، والنفس التي يجيبها صاحبها إلى هواها فإنه يكون قاتلها ولا يعلم ، ولهذا ختمت الآية الثلاثون بالقول إن الظالم والمعتدي مصيره النار ، أي الحجاب الأكبر والاحتراق بنار الشهوات التي كلما خبت زيدت سعيرا.
٣١ ـ (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١))
[النساء : ٣١]
المدخل الكريم ما أشار إليه سبحانه في موضع آخر مخاطبا نبيه : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) [الإسراء : ٨٠] والمدخل الدخول في ملكوت السموات ، أي في فلك المعقولات بعد انكشاف سر القلب الذي يقي نار الحجاب وجهنم التضاد ، وكون هذا المدخل كريما له لطيفة ، وهي كون المعقولات المفتقة وجهه سبحانه الجميل ، إذ يؤدي الجهادان الأصغر والأكبر إلى أن يتحلى القلب حلية الصفات الإلهية ، فيصير زينة للناظرين ، كما جاء في سورة يوسف لما رأته النسوة : (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).
٣٢ ، ٣٣ ـ (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٣٢) وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٣٣))
[النساء : ٣٢ ، ٣٣]
الرجال مظهر الروح ، والنساء مظهر النفس ، والروح فاعل والنفس منفعلة ولكل منهما نصيب مما اكتسبوا ، أي المظاهر ، وذلك بأن يحقق المظهر الاسم الذي يظهر به كالعلم ،