والكرم والمروءة بنات الخير ، وبنات الأخت العاقلة العملية التي هي صنو العاقلة النظرية والمؤهلة للنظر في المحسوسات والحكم عليها ومنها.
والأمهات المرضعات كل اسم يولد علميا ، وهو داخل في باب الأخلاق المؤدية إلى تفجير أنهار العلم اللدني ، والأخوات من الرضاعة شقائق الأسماء الأولى ، وهي عند الحاجة قابلة للنقائض التي تنتج نقيضها العلمي أيضا ، وأمهات نسائكم الكليات التي هي أجنحة الاسم الجامع ، وقول الآية : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) يعني ما تولد من النفس الجزئية من نتائج منطقية نتيجة التفكير والاستنباط ، فإذا تفتق الفكر عن نتيجة جديدة مثل كون أتساوي ب ، وب تساوي ج ، وهذا يعني أن أتساوي ج فهذه النتيجة تصير من باب المحرمات ، لأن الفكر هو الذي ولدها ، وفرغ من أمرها.
٢٥ ، ٢٦ ـ (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٥) يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦))
[النساء : ٢٥ ، ٢٦]
المحصنات المعقولات الموجودة في النفس بالفطرة ، أما ما ملكت الأيمان من الفتيات فالإشارة إلى النفس ذاتها ، إذ أن موسى في رحلته كان معه فتاه ، والنكاح هنا نكاح الفاعل للقابل ، فالفاعل الروح والقابل النفس ، والقلب يفعل بالنيابة عن الروح بحكم الخلافة ، وكونهن فتيات إشارة إلى النفوس الجزئية ، ونكاحهن نكاح الأسماء بعضها بعضا ، وهنا يأتي دور العالم المحسوس الذي هو عالم الفعل والأمر أو العالم القابل كله ، فما خلق الله هذا العالم إلا ليمارس الروح الفعل بإذنه ، وكل ما في هذا العالم داخل في كونه مؤنثا أي فتيات ، ووصفت هؤلاء الفتيات بأنهن مؤمنات ، لأن النفوس الجزئية مؤمنة بالفطرة ، والفطرة ما فطرها ربها عليها وهي بعد في عالم الذر ، فلا يخرج عن هذه الفطرة مؤمن ولا كافر ، مهتد ولا ضال ، وصدور النفوس الجزئية عن النفس الكلية هدفه تحقيق هذا النكاح الحبي باطنا ، والديالتيكي ظاهرا ، إذ قوامه السلب والإيجاب كما أسلفنا.
٢٧ ـ (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (٢٧))
[النساء : ٢٧]