أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٦٥))
[المائدة : ٦٤ ، ٦٥]
قول اليهود : إن يد الله مغلولة يعني الفصل بين الخالق والمخلوق ، وجعل المخلوق له نصيب من الوجود ، وهذا كفر في حقه تعالى لأنه هو الأصل وله الفعل وهم الآلات والأشباح ، فاليد الطولى له ، وهم في القبضة ولا مناص.
وقوله : (وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) هو تأريث نار الخلاف بينهم ، وهذا من فعله تعالى بواسطة الأسماء المزدوجة والمتضادة ، إذ هو الرافع الخافض ، المعز المذل ، سبحانه إذا أراد أمرا أن يقول له كن فيكون وقوله : (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) يعني هيمنته تعالى على ساحة الفعل ، فلا مشيئة إلا مشيئته ، وإذا أراد الجزء والجزيء إثبات مشيئة أخرى أو إرادة وقف الله في وجهه لأنه هو سبحانه جبار الخواطر يفعل بالقلب ما يشاء ويحكم ما يريد.
٦٦ ، ٦٨ ـ (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ (٦٦) يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٦٧) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٦٨))
[المائدة : ٦٦ ، ٦٨]
إقامة التوراة والإنجيل التحقق بكشفي الفعل والصفة ، وهما يؤديان إلى كشف الذات ، فكشف الفعل هو بمثابة الأكل من فوق ، وكشف الصفة الأكل من تحت الأرجل ، والقولان يعنيان الإحاطة الإلهية بالعلم البشري وكون هذه الإحاطة مدد هذا العلم ، فمن اتقى الله حق تقاته رزق العلم الحق.
٦٩ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩))
[المائدة : ٦٩]
فصلت الآية بين التسميات كالصابئين والنصارى وبين واقع هذه الفرق حيث وصف الجوهر وهو الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح ، وقال عليهالسلام : (الدين المعاملة) ، فالأخلاق هي التي تميز بين الناس ، وبين كون النصراني نصرانيا واليهودي يهوديا ، أو أن يكون منافقا يقول بلسانه ما ليس في قلبه.
٧٠ ـ (لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا