٨٩ ـ (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩))
[المائدة : ٨٩]
اللغو في الإيمان الحلف بالله من غير قصد وذلك بالاسترسال في الحديث ، أو بالحماسة والانفعال ، أو بحكم العادة ، أما تعقيد الأيمان فهو الحلف عن قصد ، وهناك قراءة أخرى لعقدتم وهي عاقدتم ، وكفارته إطعام عشرة مساكين ، وفي العدد إشارة إلى الحواس ظاهرة وباطنة ، وإطعامها يكون من جهة الروح بالعلوم الإلهية وهي المعقولات بعد فتقها.
وقوله : (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) يعني كسوة الحواس من الصفات المعنوية ، وذلك بأن يكسى الخيال مثلا حلية الكرم فتجده مطية لتحقيق القصد ، وهذا ما يدعى في الصوفية بالداعية ، ومجموعها الدواعي ، وهي الحوافز التي تحفز القلب على تحقيق القصد.
وقوله : (أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) يعني تحرير الأنا من دعوى الملكية ، وهكذا نجد في الآية تحريرا من الأغلال الثلاثة الأفعال والصفات والذات ، وتحرير الذات هو الختام ، وبعده يصير الإنسان عبدا صالحا إلهيا أو متألها ، ولهذا تابعت الآية قائلة : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) إشارة إلى المراحل الثلاث.
٩٠ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠))
[المائدة : ٩٠]
الخمر إلقاء الحجاب على العقل وحجبه عن النور الداخلي الذي هو الأصل والمدد. والميسر إثبات الأنا الجزئية بقولك أنا وأنا ، والإستعانة بقوى الغضب لزيادة توكيد وجود الأنا الخاصة ، والأنصاب والأزلام عبادة مظاهر الصفات وذلك بالتوجه إلى الأقوياء من الناس أو الأغنياء والإستعانة بهم من دون الله ، أو من دون أن تعلم أن فعل الخلق فعل الله ، وصفة الخلق من صفات الله ، ويدخل في هذا دعوى الغني أن ما عنده هو له وما كنزه من مال هو حر التصرف فيه ، وهذا كله من عمل الشيطان الذي يجعل أكبر همه أن يحجب القلب عن الرب.
٩١ ـ (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١))
[المائدة : ٩١]
العداوة والبغضاء تنجمان عن إثارة الحواس والغضب ضد الخصم ، وهذا يؤدي إلى إبعاد الإنسان ، أي الجزء عن الجزء الآخر ، والجزء يتمم الجزء ، ومجموع الأجزاء الواحد الذي لا