أجزاء فيه ، ولهذا تابعت الآية قائلة : (وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ).
٩٢ ، ٩٣ ـ (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣))
[المائدة : ٩٢ ، ٩٣]
لا جناح على الإنسان أن يقول أنا وأنا إذا اتقى الله وعلم أن أناه من الأنا الكلية فهذا هو الإيمان ... كما لا جناح على الإنسان إذا استرسل إلى أناه وأطعمها من خيرات المعقولات ظاهرا وباطنا لكن شريطة الوصول إلى مقام الإحسان الذي هو الاستسلام بالكلية إلى الله وأن يعبده كأنه يراه.
٩٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤))
[المائدة : ٩٤]
الصيد ما تظفر به الأنا من صفات المعقولات من خير وجمال وكمال ، فهذا كله يدخل في مجال فتنة القلب ، فأي اتصاف للأنا بهذه الصفات فهو من باب الإفاضة من الحق والإحسان إلى الأنا الجزئية ، ولهذا جعل الله صيد هذه الخيرات فتنة ليعلم من يتقيه ومن لا يتقيه ، فالمتقيه من يخافه بالغيب ، ومن لا يتقيه هو المعتدي على هذه الممتلكات الإلهية.
٩٥ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٩٥))
[المائدة : ٩٥]
الحرم دخول القلب الخلوة حيث تحبس الحواس ، ويبدأ السفر إلى الله ، وحيث يحرم صيد المعقولات عن طريق الحواس لأن الوقت مخصص لله ، وقتل الصيد المتعمد خرق للمعاهدة بين الله وعبده إذ أن أصل المعقولات إلهي ، والحكمان اللذان يحكمان هما نور التوحيد ونور الضمير وأصلهما إلهي أيضا ، والحكم النفس مقابل النفس ، أو المعقول المحصل من الحواس بالمعقول الصادر عن الحدس ، ولهذا ورد أن بعض الصحابة كعمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم حكموا في النعامة ببدنه ، وحكم ابن عباس وأبو عبيدة في بقر الوحش وحماره ببقرة ، وحكم عمر وابن عمر وابن عوف في الظبي بشاة ، والتأويل أن النفس الحيوانية بالنفس الحيوانية ، لأن الأم النفس الكلية مظهر اسمه الحي.
٩٦ ـ (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦))
[المائدة : ٩٦]