أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (١٠٨) يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (١٠٩))
[المائدة : ١٠٧ ، ١٠٩]
استحقاق الإثم حلول الخاطرين النفسي والشيطاني محل الخاطرين الإلهي والملكي ، وعندئذ لا بد من استبدالهما ، لأن الأمر الإلهي ارتبط بالشهادة ، والشهادة القيامة ، والشهادة المشاهدة ، فلا بد من وجود الحق وخواطره في النفس حتى تصل إلى مقام اليقين. قال الإمام علي رضي الله عنه : (جبار الخواطر شقيها وسعيدها).
١١٠ ـ (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١١٠))
[المائدة : ١١٠]
قوله سبحانه : (تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً) يعني خروج ما في باطن العارف الواصل إلى مقام التكليم والمشاهدة ، والمهد هو الجنين الخارج ، وهو الروح القدس الذي أيد به العارف لدى وصوله سدرة المنتهى ومقام قاب قوسين أو أدنى ، والكهل الكهولة التي يكون فيها العارف لدى وصوله إلى ليلة القدر وهي تقارب الأربعين ، وما بعث نبي ولا رسول ، ولا أنزلت عليه الرسالة إلا في الكهولة ما عدا عيسى عليهالسلام الذي خوطب في المهد ليكون حاله للناس رمزا ، فما دام عيسى ممثل الروح وتعينه ولسانه الناطق فلقد خرج إلى العيان من غير أب طبيعي ، وكان الروح الكلي أباه ، ولأنه ممثل الروح الفاعل فلقد أوتي القدرة على أن يبرئ الأكمه ويحيي الموتى ..
١١١ ـ (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (١١١))
[المائدة : ١١١]
الحواريون ممثلو العقول العشرة والأنوار الشريفة ، الذين يشكلون الدائرة الإلهية ، ويساعدون على خروج ما يكون بالقوة إلى ما يكون بالفعل ، فهم مقولات أرسطو العشر ، وهم أعداد أفلاطون والفيثاغوريين المثالية ، وهم العقول العشرة الشريفة التي تحدث عنها الفارابي وابن سينا.
وفي بعث النبوة ، تتعين هذه الجواهر أفرادا كما تعين أسباط بني إسرائيل وحواريو المسيح