فالمفسرون قد لا يقفون عند حد المعنى الحرفي للكلمة ، ولهذا قال صلىاللهعليهوسلم : (ما من آية من آيات الله إلا ولها ظهر وبطن ، ولبطنه بطن إلى سبعة أبطن).
وما نراه أن الطوفان والجراد والضفادع والدم إشارات إلى خواطر السوء والأفكار التي تذهب كل مذهب ، وتأتي من كل سبيل غازية العقل محتلة ساحته مهيمنة عليه ، لا تدع له مجالا ليمد صاحبه بصره إلى حيث توجد بصيرته. والملاحظ في الأمثلة المضروبة لهذه الخواطر أنها تفعل فعل السوء فهي تجوس خلال الديار ، فلا تبقي ولا تذر ، وتأتي على كل أخضر حتى تدع الديار سرابا يبابا صحراء هي صورة للموت. فلا منقذ للفكر ولا نجاة له من الجب الملقى فيه ، والذي وصفه سبحانه في موضع آخر بأنه أسفل سافلين لا نجاة له إلا بإشراق نور الإيمان في الصدر فينشرح ويهتدي.
١٣٤ ، ١٣٥ ـ (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٣٤) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (١٣٥))
[الأعراف : ١٣٤ ، ١٣٥]
التفات الكافر إلى الله في ساعة العسرة يقع بالفطرة ، إذ للقلوب عين واحدة هي عين إلهية ، ولهذا كان الإيمان هو الأصل والكفر فرع منه بقصد التحريك والتفليق ، وضرب الله مثلا لعيش الكفار هذا الموقف في موضع آخر فقال : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) (٦٧) [الإسراء : ٦٧]. فالطبع غلب التطبع ، ولئن ساد التطبع حينا من الدهر فالعودة إلى الأصل هي الأصل.
١٣٦ ـ (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (١٣٦))
[الأعراف : ١٣٦]
اليم يم الهيولى وعالم المادة. فأصحاب النفوس الدنيوية الدنية خارجون من التراب وإليه راجعون. حتى جهنم البعد التي يلقون فيها خالدين فيها ما دامت السموات والأرض.
١٣٧ ـ (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ (١٣٧))
[الأعراف : ١٣٧]
الوراثة الوراثة المحمدية الفلكية الوجودية الأبدية ، وهي الخروج من جدث التراب والطين إلى حيث ملكوت الأبدية والروح الفسيح. ولهذا وصفت هذه الوراثة بأنها تشمل مشارق الأرض ومغاربها ، وإذا أولت الأرض بالبدن صار الوارث مليك بدنه بقواه وإمكاناته ، وصار