وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦))
[البقرة : ١٣٥ ، ١٣٦]
الدين عند الله الإسلام ، أو الحنيفية السمحة ، ولهذا وصف الحق إبراهيم عليهالسلام بأنه لم يكن يهوديا ولا نصرانيا بل حنيف مسلم ، والإشارة إلى الدين التقليدي والدين الحقيقي الجوهري ، فليس عند الله دين سوى دينه الحق ، وهو التسليم له باعتباره الحق ظاهرا وباطنا.
١٣٧ ـ (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧))
[البقرة : ١٣٧]
الشقاق الخلاف ، فترى كل فريق من أصحاب الديانات بما لديهم فرحين ، يكذبون أو يشاقون أتباع الديانات الأخرى ، والنتيجة تعصب وتفرقة وشنآن كم سفك من دماء ، حاشاه سبحانه أن يكون له دين إلا المحبة والسّلام.
١٣٨ ـ (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (١٣٨))
[البقرة : ١٣٨]
الصبغة الفطرة ، والفطرة إشعاع العين الأزلية التي قسمت الناس أقساما ، ليكونوا حملة أسمائها وتعيناتها ، ووصف سبحانه صبغته بأنها أحسن صبغة لأنها الأصل ، ولأن منها الفروع ، ولأنه لا مبدل لها ، أي لكلمات الله ، ولأنها مخلوقة وفق حكمة تقتضي ما خرج.
١٣٩ ـ (قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (١٣٩))
[البقرة : ١٣٩]
الإخلاص تطهير القلب من السوى والأغيار ، فعدم رؤية مالك النواصي ، أو حقيقة فعله فيها وبها ، مدعاة لعدم الإخلاص والتوجه إلى السوى ، وهذا في حق الله شرك يجعل له شريكا في ملكه.
١٤٠،١٤١ ـ (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤١))
[البقرة : ١٤٠ ، ١٤١]
الأمة التي خلت أمة التوحيد ، ووصف سبحانه إبراهيم عليهالسلام في موضع آخر بأنه كان أمة ، فإبراهيم بوصوله إلى عين الجمع تخلص من الفرق والكثرة ، فصار له وسع الجمع ، فوصف بأنه أمة ، ذلك إن اسمه تعالى المؤمن من الأسماء الكلية التي متى تحقق القلب بها صار له وسعها وأفقها وفلكها ، فإبراهيم أمة ، وذريته أمة ، والقصد تحقق القصد من الخلق ، وهو العبادة والمعرفة.