٢٠٢ ، ٢٠٣ ـ (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (٢٠٢) وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣))
[الأعراف : ٢٠٢ ، ٢٠٣]
متابعة الحديث عن أهل الشقاوة الذين إذ حركوا من قبل الاسم المضل ظلوا ضالين لعدم وجود نور الهدى والسعادة ، ويفسر هذا سبب إتيان فريق من الناس الشر دون وجود وازع من الضمير ، ويتساءل الآخرون مندهشين كيف يفعل هؤلاء الأشرار ما يفعلون؟ أليس لديهم ضمير؟
٢٠٤ ـ (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤))
[الأعراف : ٢٠٤]
القرآن من قرأ ، وأول ما خاطب به الوحي النبي صلىاللهعليهوسلم لما نزل عليه وهو في غار حراء : (اقْرَأْ) وما كان لدى النبي كتاب ليقرأه ، وما كان ليقرأه وهو الأمي لو كان لديه كتاب ، فالقراءة إذن باطنية وذات علاقة بالبصيرة ، فما يقرؤه القلب ببصيرته هو ما يتلوه عليه صوته الباطن إذ يهديه في ظلمات البر والبحر سواء السبيل ، وهذا الفريق السامع لصوت الهدى هو المسلم وهو في بطن أمه ، قال صلىاللهعليهوسلم : (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام) ، وهذا الفريق هم الذين استجابوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم لما دعاهم للإسلام ، فهم كانوا مسلمين بالفطرة حتى في زمن ما قبل الإسلام ، فالإسلام إخراج ما هو موجود بالقوة ومركوز بالفطرة في القلب ، ولا يلزم إلا اندلاع الشرارة ليستيقظ القلب من غفلة.
٢٠٥ ـ (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥))
[الأعراف : ٢٠٥]
ورد في موضع آخر من الكتاب قوله تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) في حين ورد الوصف هنا بقوله : (تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ،) والخوف هنا خوف المكر الإلهي الذي سبق أن تحدثنا عنه ، فالمرء لا يأمن مكر الله ذا العلاقة بأولية القضاء والقدر حتى وإن بلغ عتبة الجنة حتى لا يكون بينه وبينها سوى قيد ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة حتى يدخل الجنة.
وقوله : (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) يعني الذهاب إلى عالم المادة لاستقاء المعلومات المختزنة في خزائنه من المعقولات ، والآصال الرواح في آخر النهار إلى عالم الروح بعد أن يكون العقل الهيولاني قد صار عقلا بالفعل ، لتبدأ من ثم عملية التلقيح اللدنية للقلب ، فيستفيد العقل عقلا زائدا على ما حصله في الحياة الدنيا ، وسمى الفارابي هذا الطور العقل المستفاد ، وجعله