١٩٨ ـ (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (١٩٨))
[الأعراف : ١٩٨]
نجاح الدعوة إلى الهدى منوط بنوعية الاسم الحاكم القاهر ، فإن كان الاسم المضل ، وتعينه الضال فالنتيجة أن صاحبه لا يسمع للاسم الهادي ، وإن سمعه ما دعاه ولا لباه.
١٩٩ ، ٢٠٠ ـ (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠))
[الأعراف : ١٩٩ ، ٢٠٠]
قال عليهالسلام : (لكل ابن آدم قرينة من الجن ، قالوا : حتى أنت يا رسول الله؟ قال : حتى أنا ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم) ، وقال سبحانه : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف : ٣٦] ، وقال : (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) [النّساء : ٣٨] ، ولما كان لوجود كل شيء حكمة فإن لوجود الشيطان حكمة ، وإلا لما خلقه الله ، ولا جعله يفسق عن أمره ، والنبي بحاجة إلى شيطان باعتباره في مركز الدائرة الوجودية المشحونة بالتضاد ، والشيطان ممثل التضاد ، إذ قلنا : إن معنى شطن بعد ، فالشيطان يعني البعد عن الله ، والبعد يكون سببا للقرب ، وهذا معنى هبوط آدم وحواء من الجنة بعد أن أزلهما الشيطان وأخرجهما منها.
والبعد الهبوط إلى عالم المادة والعناصر ، وحكمته بدء تحسس المحسوسات لبدء عملية طبع الصور في المهجة وبالتضاد والتناقض تتم هذه العملية ، إذ لو لا خاطر الشح ما بدأ الإنسان يفكر في الخروج على شحه وبالتالي الخروج من نفسه ، والنفس سجن وحجاب ، ففتق المعقولات مرتبط بوجود الشيطان ، ولو لا شح الأنفس ما اشتهر حاتم طيء بالكرم ، ولا قوّم بهذا الكرم وخلد.
٢٠١ ـ (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١))
[الأعراف : ٢٠١]
التذكر منوط بالشقاء والسعادة القدريين اللذين يوسم بأحدهما الإنسان وهو في بطن أمه كما جاء في الحديث ، والتذكير يذكر بنظرية أفلاطون الشهيرة التي تقول إن الإنسان لما كان روحا كان عالما ثم نسي لما هبط إلى عالم الحس ، ثم يتذكر ما نسيه وفي نظر الصوفية فالأمر منوط بكون الاسم الهادي مضمرا حتى يقع التحريك من قبل الاسم المضل ، وعندئذ يستيقظ ، والاستيقاظ هو ما عناه أفلاطون بالتذكير.