٢٦ ، ٢٧ ـ (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧))
[الأنفال : ٢٦ ، ٢٧]
كون الإنسان مستضعفا في الأرض إشارة إلى ضعف الإنسان أمام خواطره التي تذهب به شمالا ، وتذهب به يمينا ، وهذا ما أشارت إليه الآية بالتخطف ، والتأييد بالنصر الثبات على الدين بواسطة نور الأيمان أولآ ، ونور اليقين ثانيا ، حيث يأمن الإنسان غوائل خواطره.
٢٨ ـ (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨))
[الأنفال : ٢٨]
التعلق بالأموال والأولاد فتنة لأن المال يغذي الأنانية ويضخمها ، كما أن صاحب المال خائف على ماله ، ساع إلى تنميته والحفاظ عليه ، والنتيجة حبس الإنسان في قفص الأنا.
أما التعلق بالأولاد فهو تعلق بالنفوس الجزئية ، وهو تعلق ، إن استحكم ، أدى بالإنسان إلى سجن الحجاب الذي هو جدار في وجه طلب الحقيقة ، فعن النفوس الجزئية لا تسل ، وتجاوزها إلى صاحب هذه النفوس ومالكها ، فالتعلق بالولد حجاب عن الله.
٢٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩))
[الأنفال : ٢٩]
الفرقان من فرق ، وهو تفريق القلب بالفلق ، فإذا الأنا الجزئية تنفلق عن الأنا الخالصة ، وإذا الفكر الشخصي إشعاع الفكر. الكلي ، وإذا للروح الحيواني روح آخر هو الروح الكلي ، وهذا كله يستتبع تكفير السيئات ، ولا سيئة أعظم من سيئة الظهور والأنا ، ولا فضل أعظم من فضل رفع الحجاب بين الله والإنسان ، فيفنى الإنسان ، ويحل الله في قلبه ، فيصير عبد الله وخليل الله.
٣٠ ، ٣٤ ـ (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٣٠) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١) وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٢) وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٤))
[الأنفال : ٣٠ ، ٣٤]
كل خطاب للنبي هنا موجه إليه خاصة وإلى المؤمنين عامة ، والغاية الإشارة إلى دور