هذا هو العلم اللدني ، ويتميز عن العلم العادي بأنه منزل من سماء الروح حيث المقولات الكليات والمعقولات ومبادئ العلوم فالأمر يبتدئ من الروح ، ولهذا كان الروح عليما علاما ، وتوصل الفكر إلى القوانين العلمية سواء عن طريق الملاحظة الحسية والتجربة ، أم عن طريق الفكر ، هذا التوصل يتم بالتدريج ، إذ بداية الإنسان كانت من إنسان الكهف ، وكان بالحيوان أشبه ، أما العلم الإلهي فحقيقته العكس ، إذ أن العلم مضمر ، ولا ينقص إلا إخراج ذخائره ، فلا تطور في هذا العلم ، والتطور من ظهوراته.
١٥٤ ـ (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (١٥٤))
[البقرة : ١٥٤]
المعنى يشمل الموت والحياة والشهادة والشهداء ، والأمر يختلف بين العلم والجهل ، فمن مات جاهلا مات كما عاش ، ومن لم يعرف الله في الدنيا لا يعرفه في الآخرة ، ونضيف بل من لم يره في الدنيا ظاهرا لن يراه في الآخرة ، والإصابة أن ميت الدنيا ميت الآخرة ، أما الشهداء فلقد بذلوا أرواحهم فداء الحق فاشترى الحق أرواحهم ، وثمن الشراء المشاهدة ، فالشهادة المشاهدة ، وفي هذا عود إلى الجهل والعلم ، فعند قبض الروح الجزئية في استشهادها يتم اللقاء بين الذات الكلية والذات الجزئية ، فينتفي موت الذات الجزئية ، وتصبح حية بالذات الكلية وهذه الحياة خالدة لأن الذات الكلية خالدة.
١٥٥ ، ١٥٧ ـ (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ (١٥٦))
[البقرة : ١٥٥ ، ١٥٧]
كل بلاء إلهي غايته خرق الحجاب الكائن بين الإنسان والله ، فظاهر الأمر بلاء ، أو شر ، وباطنه رحمة ، ولكونه بلاء ، وفي البلاء شدة ، أوصى سبحانه المؤمنين بالصبر لاجتياز محنة ورود جهنم.
١٥٨ ، ١٦٠ ـ (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (١٥٩) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠))
[البقرة : ١٥٨ ، ١٦٠]
الصفا من صفاء القلب ، وهو غسله من أدرانه ، وبعد الصفا المروة وهي من الري من العلم الإلهي ، وكونهما من شعائر الله في الحج يعني كون الحج القصد إلى الله الذي هو في البيت.