١٦١ ، ١٦٢ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢))
[البقرة : ١٦١ ، ١٦٢]
الكفر الحجاب ، وكفر ستر ، ومن عاش كافرا مات كافرا ، فكفره ذاته عقاب له ، واللعنة مصدرها القلب المحجوب ، إذ في الحجاب القسوة وانحجاب النور عن إنارة هذا الهيكل ، وكل هيكل من غير إشراق نور العرفان فيه غار ليس فيه إلا الظلمات.
١٦٣ ـ (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (١٦٣))
[البقرة : ١٦٣]
الحديث عن الوحدة القيومية الجامعة لعالمي الملك والملكوت ، وكل محاولة لفصل عالم عن آخر تدخل في باب الشرك ، أي أن يجعل لله شريك في الملك ، والصفة الوجودية الجامعة الرحمة التي مصدرها الرحمن الرحيم ، فليس عند الله إلا الرحمة الرحيمية.
١٦٤ ـ (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤))
[البقرة : ١٦٤]
في الآية إشارات فالسماء الروح ، والأرض المادة ، والليل الدخول في العالم المادي ، والنهار إشراق شمس الروح ، والفلك البدن بآلاته وقواه ، والماء السماوي العلوم الغيبية التي أنزلت على القلب ، فيحيي الله به أرض البدن ، والدواب المنبثة رمز الخواطر التي تعمر القلب ، والرياح رياح الألطاف الإلهية ، والسحاب البشائر الواردات التي تبشر بهطول مطر العلم ... وذلك كله آيات لا يعقلها إلا العاقلون ، الذين كشف عنهم الغطاء ، فصار عقلهم لبابا رشادا أضاء الطريق إلى الله.
١٦٥ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (١٦٥))
[البقرة : ١٦٥]
الأنداد الصفات التي هي في الأصل صفات إلهية ، والصفة مظهر الاسم الإلهي ، والتعلق بالأنداد إسناد الصفات إلى غير الخالق المصور البديع ، وربطت الآية بين حب الأنداد والعذاب ، فالأمر داخل في باب الحجاب المسدل بين الحق والخلق ، وأصل الحجاب الإلهي أيضا يخفي وراءه حقيقة كون الحق هو القوى ، وأنه هو صاحب الصفات.
١٦٦ ـ (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦))
[البقرة : ١٦٦]
تقطع الأسباب انكشاف حقيقة الأمر الذي ظاهره اعتماد الأسباب ذاتها ، مثل كون النار سبب الإحراق ، وباطنه صاحب القوى.