هو محل لهما ومستمع ، وضيق الأرض عليهم مصير الخواطر إلى سد يحول بين القلب والنور الإلهي فيضيق الصدر. والمعنى أن الخواطر ما دامت أصلا من الله فهي تنزع إليه بالفطرة ، وتجد الشيطان يعلن بعد فراغه من مهمته عودته إلى ربه وتنصله مما فعل بالمشركين كما قال : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ) [إبراهيم : ٢٢].
والتوبة أوبة الفرار من الله إلى الله ، والرغبة عنه رغبة إليه وفيه ، والحديث إشارة إلى العبارة الجامعة وهي كون الناس جميعا في الجامع ملحدين ومؤمنين ، وضالين ومهديين ، علموا ذلك أم جهلوا ، أقروا بذلك أم أنكروا.
١٢١ ، ١٢٦ ـ (وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢١) وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (١٢٥) أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦))
[التوبة : ١٢١ ، ١٢٦]
كل خطوة على طريق الجهاد لها جزاء وجزاؤها كون الطريق تصعد من أرض الفساد إلى سماء الروح والحقيقة ، وسواء جوزي المجاهد في الدنيا أم لا فالمصير إلى جنة الروح حيث قطوف أشجار العلوم دانية في جنة عالية.
١٢٩ ، ١٢٦ ـ (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٢٧) لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٢٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩))
[التوبة : ١٢٩ ، ١٢٦]
لا سبيل إلى إنقاذ المشرك والكافر اللذين طبع الله على قلوبهما إذ الطبع سدّ كقوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (٩)) [يس : ٩] ، وعن حذيفة أنه قال : تسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب ، وكنا قد ذكرنا سبب عدم ابتدائها بالبسملة ، وللتسمية الرسولية لطيفة ذلك لأن الله قال في سورة الفلق : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِ