الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢)) فعدّ سبحانه ما خلق شرا ، كما قال في قصة آدم عليهالسلام : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) [البقرة : ٣٦] ، فالهبوط إذن شر ، والخلق العياني شر لأنه يمثل البعد والإبعاد وهذا ما ذكرناه من قبل بقوله تعالى أسفل سافلين ، وذكرنا سبب قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) [مريم : ٧١] (أي جهنم ...) وعليه فالإنسان كان في الرحمة حين كان موضوعا اسمه الذر ، ثم أهبط إلى عالم الحسيات والعناصر والشهوات حيث فتن هناك ، ثم تولته الرحمة من جديد فلقنته كلمات الهدى فتاب الله عليه ، وأدخله في رحمته الرحيمية ، وهي تقريبه منه وشمله بأنواره ، فالنبي صلىاللهعليهوسلم سمى سورة التوبة سورة العذاب لأنه كان ذا رؤيا أطلعته كشفا على قصة الإنسان في قرآن الوجود ، فالعذاب واقع ماله من دافع ، وعلى الإنسان أن ينجو من ضيق صدره ، بهذا الوجود الأرضي وتبرمه من الإقامة في هذا الهيكل الفاني ليلتحق بفلك ربه حيث الرحمة ممثلة في أنوار وصفها سبحانه بقوله : (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) [الحاقّة : ٢٢](لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١)) [الغاشية : ١١].