المادة ، رب الخير والشر ، قال أبو عبد الله التروغبذي : إن الله وهب لكل عبد من معرفته مقدارا ، وحمله من البلاء على قدر ما وهب له من المعرفة ، لتكون معرفته عونا له على حمل بلائه ، وقال أيضا : العلم يورث الخوف ، والعلم يورث الوجل ، والعلم يورث السكينة والطمأنينة وذلك على قدر أحوال العبيد ومقاماتهم.
١١ ـ (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١))
[يونس : ١١]
أجل الشر حكم أسماء القضاء ولها أجل هي بالغته ، فكثيرون يتساءلون لم لا يتدخل الله ويضع حدا للظلم والطغيان ، وما علم هؤلاء أن للظلم والطغيان أجلا متى قضي بدأ الجانب الآخر من الأسماء عمله ، فاستوى الحق والعدل حاكما ظاهرا.
١٢ ، ١٣ ـ (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣))
[يونس : ١٢ ، ١٣]
الضر مس الإنسان الأذى من ناحية خواطر الوسوسة والسوء كقوله تعالى عن الشيطان : (يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) [البقرة : ٢٦٨] فيفر القلب إلى ربه مستغيثا مستنجدا ، حتى إذا آمنه ربه بالتأييد النفثي نسي القلب ما كان فيه من ضيق وأذى ، وتبحبح في مجلسه قائلا أنا وأنا ...
١٤ ، ١٥ ـ (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥))
[يونس : ١٤ ، ١٥]
الخليفة هو وريث الله وأسمائه ، وأول خليفة لله كان آدم عليهالسلام باعتباره تعين الصورة الأسمائية الجامعة ، وكنا قد قلنا في كتابنا فتح الوجود ، إن آدم من الأدمة وهي السمرة ، وهي لون وسط بين البياض والسواد ، والبياض لون النور ، والسواد لون عالم المادة ، فآدم هو الجسر المعلق بين العالمين ، والذي يلتقي فيه العالمان أو البحران ، فهو المحسوس ملطف ، والمعقول مكثف ، فهو الواسطة بين العالم والعالم ، ومن هنا استحق الخلافة.
وخلائف آدم الأنبياء والأولياء الكمل ، بهم يتعين النوع ولهذا يقال هم أشخاص النوع الآدمي وأفراده ، ولا بد في كل زمان من خليفة ، وقد يكون هنا الخليفة ظاهرا ، كابن عربي ،